للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبالاة بأعمالهم، وهذا الأمر من أكبر الوسائل المفضية إلى مشاهدة المنكر والسكوت عنه، فالإثم لا يحصل بمجرد المخالطة وإكثار السفر والإقامة بينهم وإنما بالرضا والموافقة على كفرهم ويدخل فيه ما هو دون ذلك من الفجور وقول الزور والظلم والفسوق، وأنواع المعاصي فإن الرضا بأعمال الكفر كفر، والرضا بما دون الكفر كل بحسبه كذلك» (١). اهـ.

وقد قال ابن دقيق العيد: «إن الوسيلة إلى الطاعة طاعة كما أن الوسيلة إلى المعصية معصية» (٢). اهـ.

وقد نهى الله عز وجل عن الوسائل المفضية إلى الكفر قال تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٣). فذكر تعالى أن علة النهي عن الزواج بالمشركين والمشركات أنهم يدعون إلى النار في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم وأن مخالطتهم مصدر من مصادر الخطر على المسلمين، وهذا الخطر ليس خطرًا دنيويًا فقط بل قد يكون شقاءً أبديًا، فيستفاد من تعليل النهي في الآية السابقة النهي عن مخالطة كل مشرك ومبتدع، لأنه إذا لم يصح التزوج من الكفار على قول من قال بالتحريم أو على قول من قال بكراهية ذلك (٤)، مع أن الزواج فيه مصالح كثيرة، فالخلطة المجردة من أهداف الدعوة إلى الله أولى خصوصًا الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك على المسلم حسًا ومعنى (٥).


(١) انظر الجواب الفائض في الرد على أرباب القول الرائض/ سليمان بن سحمان ص٥٦، الورقة (٢٨) مخطوطة بقسم المخطوطات بجامعة الرياض برقم (٣٤١٣).
(٢) المصدر السابق المكان نفسه.
(٣) سورة البقرة آية (٢٢١).
(٤) انظر صفحة ٧٠٠ - ٧١٢ من هذه الرسالة.
(٥) انظر تفسير ابن سعدي ج١ ص٢٧٤ - ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>