للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استدل أهل العلم في هذه الآية أنه يباح للرجل الفاضل أن يعمل عند الرجل الفاجر والسلطان الكافر، بشرط أن يعلم أنه يفوض إليه في فعل لا يعارضه فيه، فيصلح منه ما شاء، وأما إذا كان عمله بحسب اختيار الرجل الفاجر وشهوته وفجوره، فلا يجوز ذلك (١)، وقال قوم: إن هذا كان ليوسف خاصة، وهو اليوم غير جائز (٢)، بناء على الخلاف الأصولي حول موضوع هل شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يأت ما يخصصه من شرعنا.

وقد رجح القرطبي القول بالجواز في العمل عند الكفار بالشروط المتقدمة (٣). وقال الماوردي: إن كان المولى ظالمًا فقد اختلف الناس في جواز الولاية من قبله على قولين:-

الأول: جواز تولي الوظيفة من قبل الكافر إذا عمل المتولي للوظيفة بالحق فيما تقلده من مهمة دون تدخل من الكافر، لأن يوسف ولي من قبل فرعون، باعتبار يوسف ذا سلطة مطلقة، فهو يتصرف بفعله لا بفعل غيره.

الثاني: أنه لا يجوز تولي العمل إذا كان المولّى للعمل ظالمًا، لما فيه من تولي الظالمين بالمعونة لهم على ظلمهم، وتزكيتهم بتقلد أعمالهم (٤). وأجاب من ذهب إلى هذا المذهب عن ولاية يوسف من قبل فرعون بجوابين:-

١ - إن فرعون يوسف كان صالحًا، وإنما الطاغي فرعون موسى.

٢ - إن يوسف نظر في أملاكه دون أعماله فزالت عنه التبعة فيه.

وقال جماعة من أهل العلم: إن العالم العامل والرجل الصالح إذا


(١) نفس المصدر السابق ج٩ ص٢١٥.
(٢) نفس المصدر السابق نفس المكان.
(٣) نفس المصدر السابق نفس المكان.
(٤) انظر تفسر القرطبي ج٩ ص٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>