للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم كل منهما أنه لا سبيل إلى دفع الظلم والضر عن الناس إلا بتولية من قبل الكافر أو الفاسق فله أن يعمل عنده (١).

وقال الماوردي: إن الأصح من إطلاق هذين القولين أن يفصل ما يتولاه المسلم من جهة الكافر أو الظالم على ثلاثة أقسام:-

الأول: ما يجوز لأهله فعله من غير اجتهاد في تنفيذه مثل الصدقات وأنواع الزكاة فيجوز للمسلم أن يتولى هذه الأمور من جهة الظالم لأن النص على مستحقها قد أغنى عن الاجتهاد فيها، وجواز تفرد أربابها بها قد أغنى عن التقليد.

الثاني: ما لا يجوز أن يتفرد به أربابه ويلزم الاجتهاد في مصرفه كأموال الفيء، فلا يجوز توليها من جهة الظالم، لأنه يتصرف بغير حق ويجتهد فيما لا يستحق.

الثالث: ما يجوز أن يتولاه لأهله، وللاجتهاد فيه مدخل - كالقضاء وإصدار الأحكام فإن كان النظر تنفيذًا للحكم بين متراضيين، وتوسطًا بين متخاصمين جاز، وإن كان إلزامًا وإجبارًا لم يجز (٢).

ويقول الشوكاني في الفتح: «إنه يجوز لمن وثق من نفسه إذا دخل في أمر من أمور السلطان الظالم أن يرفع منار الحق، ويهدم ما أمكنه من الباطل» أن يطلب ذلك لنفسه، وجاز له أن يصف نفسه بالأوصاف التي لها ترغيب فيما يرومه (٣). اهـ.

ويقول ابن العربي في تفسيره: إن يوسف عليه السلام لم يسأل العزيز


(١) انظر جامع البيان في تفسير القرآن/ للطبري ج١٣ ص١٩ مع حاشيته - غرائب القرآن ورغائب الفرقان/ تأليف: الحسن بن محمد النيسابوري. وانظر تفسير القرطبي ج٩ ص١٠٨.
(٢) انظر الأحكام السلطانية - للماوردي ص٧٢ - ٧٥.
(٣) انظر فتح القدير للشوكاني ج٣ ص٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>