للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نفسه القيام بما وكل إليه من أعمال الخير بشرط أن لا يمدح هؤلاء الظالمين أو يدافع عن ذمهم، أو يبرر أخطاءهم.

وأما ما ورد من النهي عن الدخول في الإمارة وأعمال الولاة فذلك مقيد بعدم القدرة على عصيان الأمر إذا صدر فيما لا تصح الطاعة فيه، أو مع ضعف المأمور عن القيام بما أمر به من واجبات مباحة (١)، أما مخالطة الظلمة والدخول عليهم لجلب مصلحة عامة أو خاصة أو دفع مفسدة عامة أو خاصة، مع كراهة ما هم عليه من الظلم، وعدم ميل النفس إليهم ومحبتها لهم وكراهة المواصلة لهم، لولا جلب تلك المصلحة، أو دفع تلك المفسدة، فعلى فرض صدق مسمى الركون على مثل هذا الفعل، فهو مخصص بالأدلة الشرعية الدالة على مشروعية جلب المصالح ودفع المفاسد، والأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، ولا تخفى على الله خافية (٢).

وفي الجملة يجب على من ابتلي بمخالطة من فيه ظلم، أن يزن أقواله وأفعاله، وما يأتي وما يذر بميزان الشرع وأن يرجح مصلحة الدعوة على مصلحته الخاصة، في كل ما يأخذ أو يدع من قول أو فعل (٣).

فقد كان يوسف الصديق عليه السلام نائبًا لفرعون مصر وكان فرعون وقومه مشركين، ومع ذلك فعل يوسف من العدل والخير ما أقدره الله عليه ودعاهم إلى الإيمان حسب الطاقة والإمكان (٤).

وقد قال علماء الأصول في مسألة شرع من قبلنا، هل يكون شرعًا لنا؟


(١) المصدر السابق نفس المكان.
(٢) انظر فتح القدير للشوكاني ج٢ ص٥٣١. وانظر مورد الظمآن عبد العزيز بن سلمان ج٣ ص١٢٣.
(٣) نفس المصدر السابق.
(٤) انظر أسباب اختلاف الفقهاء. د/ عبد الله عبد المحسن التركي ص١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>