للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحيته، وقال: لبيك يا درباس - ثلاث مرات - فقال لا تعجل، إنه كاتب العدو، وهم بالخروج إليهم، فقال عمر قتلته على الهم (١) وأينا لا يهم. فأمضى عمر اجتهاد ابن الجارود فيه.

وقد اختلف العلماء. هل المتولي للكفار بالتجسس أو نحو ذلك إذا قتل بذلك الذنب يكون القتل مكفرًا لذنبه أم لا؟

فقال النووي: «إذا قتل المرتد وهو متمسك بردته، فإن قتله على هذه الصفة لا يكون كفارة له عن ذلك» (٢). اهـ.

ورجح الشوكاني هذا الرأي، حيث يرى أن المرتد يقتل وهو على الكفر كما يقتل غيره من الكفار أثناء الحرب (٣).

وعلى هذا يمكن القول بأن من تولى الكفار توليًا تامًا أو موالاة مطلقة ثم قتل على ذلك ولم يتب قبل موته أنه داخل تحت هذا الوعيد الشديد ومتعرض لعذاب الله في الدنيا بالقتل وفي الآخرة لعذاب النار وسوء القرار أعاذنا الله من ذلك.

أما ما يقع من موالاة للكفار لا تصل إلى درجة الردة والكفر، ولم تكن كبيرة من كبائر الذنوب، فإن هذه الأنواع من الموالاة يعزر من ارتكب شيئًا منها بما هو دون القتل كما هو رأي الإمام الشافعي وأحمد وأبو حنيفة (رحمهم الله) (٤).

وفي ذلك يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: «إن موالاة الكفار لأجل دنياهم مع بغض القلب لهم موجبة


(١) انظر أحكام القرآن لابن العربي ج٤ ص١٧٧٢.
(٢) انظر صحيح مسلم بشرح النووي ج٢ ص٩٧.
(٣) انظر نيل الأوطار للشوكاني ج٧ ص٢٠٥ - ٢١٢.
(٤) انظر نيل الأوطار للشوكاني ج٨ ص١٥٥. وانظر زاد المعاد/ لابن القيم ج٢ ص٦٨. وانظر مختصر الفتاوى المصرية/ لابن تيمية ص٥٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>