للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوجوب القتل لمن يناصر الكفار على المسلمين بتجسس ونحوه وقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد (رحمهم الله): «إن من تعاون مع الكفار من المنتسبين إلى الإسلام بتجسس ونحوه لا يقتل ويفهم من كلامهم أنه يعزر بما دون القتل» (١). اهـ.

والرأي الراجح فيما يظهر لي من القولين السابقين هو القول بالقتل إذا كانت الموالاة موجبة للردة أو كانت كبيرة من كبائر الذنوب لأن الأصل في هذه المسألة معاملة الرسول لحاطب بن أبي بلتعة (رضي الله عنه) فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عندما قال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنقه فقد نافق. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه شهد بدرًا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (٢).

فإن ظاهر العلة في ترك حاطب (رضي الله عنه) أنه شهد بدرًا ولو لم يكن كذلك لكان مستحقًا للقتل، لأنه علله بعلة مانعة من القتل منتفية في حق غيره ولو كان الإسلام مانعًا من قتله لم يعلل بأخص منه، لأن الحكم إذا علل بالأعم كان الأخص عديم التأثير وهذا أقوى حجة والله أعلم (٣).

ويؤيد هذا القول موقف عمر (رضي الله عنه) فقد رُوِيَ أن ابن الجارود سيد ربيعة أخذ درباسًا وقد بلغه أنه يخاطب المشركين بعورات المسلمين، وهم بالخروج إليهم، فصلبه ابن الجارود فصاح يا عمراه - ثلاث مرات - فأرسل إليه عمر، فلما قدم على عمر أخذ عمر الحربة فعلا بها


(١) انظر نيل الأوطار للشوكاني ج٨ ص١٥٥.
(٢) انظر تفسير القرطبي ج١٨ ص٥٠.
(٣) انظر زاد المعاد لابن قيم الجوزية ج٢ ص٦٨. وانظر تفسر القرطبي ج١٨ ص٥٢ - ٥٣. وانظر الدرر السنية ج١ ص٢٣٥.
وانظر أحكام القرآن لابن العربي ج٤ ص١٧٧٠ - ١٧٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>