للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعدائنا في الداخل والخارج لا يصح أن تكون المشجب الذي نعلق عليه قصورنا وتخاذلنا عن إخواننا.

إن مواجهة الظروف القاسية هي محك الإيمان ومقياس التوحيد قال تعالى: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (١).

وأريد أن أطمئن الذين يساورهم الشك واليأس في قدرة هذه الأمة على القيام بواجبها، بسب الصور القاتمة والمحزنة التي ذكرناها فيما سلف، أن هذا الوضع رغم بعده عن واقع الإسلام والمسلمين حيث الهوية ضائعة، والذاكرة مفقودة، والأرواح مسلوبة، والثروات منهوبة، والعقول معتقلة، حيث يتسلى الأعداء والعملاء بمناظر المؤمنين والدماء تنزف من أجسامهم الطاهرة، ويتصبر الذين لم يلحقوا بهم بالأمل والرجاء، نجد أن شجرة الإيمان قد سقتها دماء الشهداء، وشعلة الجهاد قد أذكى جذوتها أنين الجرحى، فخرجت من وسط هذه الليل البهيم فئة مؤمنة وطليعة مجاهدة قلبت موازين الأعداء ومخططاتهم رأسًا على عقب، فبعد أن كاد الأعداء أن يعلنوا ويستبشروا بموت هذه الأمة، واستسلامها لهم إذ بهم يفاجئون (٢) بانبعاث الإيمان من مواضع الركام التي غمروها بتصورات الجاهلية وقوانينها منذ قرن من الزمان، فهذه تركيا تعود إلى الإسلام بعد أن حرمت منه ثلثي قرن من الزمن، وفي المغرب والجزائر وتونس وليبيا قوافل مؤمنة رغم أنف المستعمر وأذنابه، وفي مصر والسودان وسوريا وإيران والأردن والعراق وأندونيسيا وباكستان وغيرها من بلدان الإسلام قوافل مؤمنة رغم جهود الكفار والعملاء. وهذا الأمر ليس مستغربًا في حس المؤمن وشعوره لأن ذلك تصديق لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما روي عنه من حديث طويل قوله:


(١) سورة العنكبوت آية (٢، ٣).
(٢) لأن الهمزة متوسطة مضمومة وبعدها حرف مد ويمكن وصل ما بعدها بما قبلها. انظر دليل الإملاء تأليف عامر سعيد ص٦٨ مثل يلجئون.

<<  <  ج: ص:  >  >>