للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا بكل قوة وعزم وإصرار، اعتزل إبراهيم أباه وقومه، واعتزل عباداتهم وآلهتهم، وهجر أهله، ودياره فلم يتركه الله وحيدا، بل عوضه الله عن ذلك خيرا عظيما، وإبراهيم عليه السلام لم يعتزلهم إلا بعد أن أيس من قومه وأبيه، حيث تبين له أنهم أعداء لله وأنهم لا يفيد معهم شيء من وسائر الدعوة، فاجتنبهم وتبرأ منهم ومن آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، فإذا كان إبراهيم قد تبرأ من أبيه وقومه لكفرهم، أفلا يجب علينا اعتزال الكفار والبراءة منهم، ومفاصلتهم كما فعل أبونا إبراهيم عليه السلام (١)؟

الدليل الثامن والعشرون: قول الله تعالى: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا) [القصص: ٨] فبين تعالى أنه بعث موسى إلى فرعون ليكون موسى عدوا لهم يتحداهم بسبب كفرهم، ويعاديهم بسبب ضلالهم، فهي عداوة بين الحق والباطل عداوة بين الحق الذي يمثله موسى ومن معه، والباطل الذي يمثله فرعون وحزبه، وهذه العداوة إنما كانت بسبب اختلاف منهج الحق عن منهج الباطل، فهي ليست عداوة على حسب أو نسب أو مصالح مادية، وإنما هي عداوة في اختلاف الدين، وهذه العداوة لن تقف عند حد مادية، وإنما هي عداوة في اختلاف الدين، وهذه العداوة لن تقف عند حد المشاعر القلبية، وإنما ستكون باعثة لما يدخل الهم والحزن والكمد على قلب فرعون وقومه، بما يواجهونه من الأقوال والأفعال التي تصدر من موسى ومن معه (٢).

الدليل التاسع والعشرون: قول الله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ) [القصص: ١٧].


(١) انظر تفسير ابن سعدي (٥/ ١١٣، ١١٤) وانظر في ظلال القرآن سيد قطب (١٦/ ٤٤٠) وانظر مختصر تفسير ابن كثير للصابوني (٢/ ٤٥٤).
(٢) انظر في ظلال القرآن سيد قطب (٢٠/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>