وقد علّمنا الله عزّ وجلّ في أداب المناظرة أن نبدأ بالحمد لله فالسلام على عباده الذين اصطفى، وننتقل مباشرة إلى أوّل فِقرَةٍ من فقرات المناظرة دون فاصل من الكلام، لأنّ عقد مجْلِس الْحِوَار قد كان لإِقامَةِ مُنَاظرةٍ بيْن فريقَيْن على موضوع معين، ولكن المسلم لا يبدأ بأيّ أمر ذي شأنٍ حتَّى يَحْمد الله ويُسَلّم علَى رُسُله، فإذا فعل ذلك بدأ موضوعه دون حاجةٍ إلى تمهيد، نظراً إلى أنّ النفوس مُهَيّأَةٌ لاستقبال أوّل فقرات المناظرة، بعد مقدّمة الحمد لله والسلام على رُسُله.
نجد هذا التعليم في قول الله عزّ وجلّ في سورة (النمل/ ٢٧ مصحف/ ٤٨ نزول) :
فهي أن يختم المتكلّم كلامه بختامٍ حَسَن، إذْ هو آخِرُ ما يطْرُقُ الأسماع، أو يقع عليه نظر القارئ، فيَحْسُنُ فيه أن يكون بمثابة أطيب لُقْمةٍ في آخر الطعام، أو بمثابةِ آخر اللّمساتِ الناعمات المؤثرات الّتِي تعْلَقُ في النفوس، وتَسْكُنُ عندها سُكُونَ ارتياح، وتظلُّ لهَا ذكرياتٌ تُحرِّكُ النفوس بالشوق إلى المزيد من أمثال ذلك الحديث.