للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرِيمٌ مَتَى أَمْدَحْهُ أَمْدَحْهُ والْوَرَى ... مَعِي وَإِذَا مَا لُمْتُهُ لُمْتُهُ وَحْدِي

وقد جاء ثِقَلُهُ من تكرير لفظ "أَمْدَحْهُ" بما فيه من حاء وهاء.

وكذلك قول أبي الطيّب المتنبّي:

أَتُرَاهَا لِكَثْرةِ الْعُشَّاقِ ... تَحْسَبُ الدَّمْعَ خِلْقَةً فِي الْمَآقِي

كَيْفَ تَرْثِي الَّتِي تَرَى كُلَّ جَفْنٍ ... رَاءَها غَيْرَ جَفْنِهَا غَيْرَ رَاقِي

"راءَهَا" أي: رآها، قَدَّم وأخَّرَ لضرورة الشِّعر.

"راقِي": اسم فاعل من رَقَأَ الدَّمْعُ إذا انْقطع.

ومعنى البيت الثاني: كيف تَرْحَمُ هذِهِ الْمَعْشُوقَةُ عَاشِقَهَا وهِي تَرَى كلَّ الأَجْفَانِ باكيَةً غيْرَ جَفْنِها، فتحسبُ أَنَّ العيون تذرف الدمع بالْخِلْقَةِ لاَ من العشق، لذلك فلا تُسْتثارُ فيها الرحمةُ على العشّاق.

وفي هذا البيت مع عيب الضرورة عيب تكرير الجيم والراء في كثير من كلماته، الأمر الذي أكسبَهُ بعض الثقل.

(٣) ومن الأمثلة التي ذكروا فيها عيبَ التنافُرِ في الكلام، أو ثِقَلَ النُّطْقِ بِهِ، أَوْ مَجَّ الذَّوْقِ له، قول عبد السَّلام بْنِ رُغْبَان المعروفِ بديكِ الجنّ:

أُحْلُ وامْرُرْ وضُرَّ وانْفَعْ وَلِنْ وَاخْشَنْ وَأَبْرِرْ ثُمَّ انْتَدِبْ لِلْمَعَالِي.

وعِلَّتُه تكرُّرُ أفعالِ الأَمْرِ فيهِ.

وأشدّ من هذا قول أبي الطيّب المتنبّي إذْ جَمَعَ أفْعالَ أمْرٍ دون عاطفٍ بينها، من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة:

أَقِلْ أَنِلْ أَقْطِعِ أحْمِلْ عَلِّ سَلِّ أعِدْ ... زِدْ هِشَّ بِشَّ تَفَضَّلْ أَدْنِ سُرَّ صِلِ

دفعه إلى هذا ولَعُه بالإِغْرابِ والإِبداع.

<<  <  ج: ص:  >  >>