هوا لكلام الذي لا ينطبق عليه تعريف الخبر، ولدى تحليل حقيقته أقول: هو الكلام الذي يَتَوقَّفُ تحقُّقُ مدلوله على النُّطْقِ به، كالأمْرِ والنهي، والدّعاء، والاستفهام، والمدح والذّم، وإنشاء العقود الّتي يتمّ تحقُّقُها بالنُّطق بالْجُمَل الّتي تَدُلُّ عليها، مثل: بِعْتُك - اشتريتُ منك - زوَّجتُك - أنْتِ طالق - أعتقتُكَ.
(١١) هل التعجّب من الخبر أو من الإِنشاء؟
اختلفت العلماء في التعجب هل هو من أقسام الخبر أو من أقسام الإِنشاء، ورجّح الكثيرون أنّه من أقسام الخبر، لأنّه إخبارٌ عن حالة التَّعجُّب القائم في النفس.
والقائلون بأنّه من أقسام الإِنشاء لاحظوا أنّه صيغةٌ كلاميَّةٌ يُطْلَبُ بها تعظيم الأمر في النفس السَّامع.
وللعلماء في تعريف التعجّب أقوال:
قال ابْنُ فارس: هو تفضيلُ شيءٍ على أضْرابه.
وقال ابن الصائغ: هو استعظام صفةٍ خرج بها المتعجَّبُ منه عن نظائره.
وقال الزمخشري: معنى التعجُّب تعظيم الأمر في قلوب السامعين، لأنّ التعجُّبَ لا يكونُ إلاَّ من شيءٍ خارجٍ عن نظائره وأشكاله.
وقال الرّماني: المطلوبُ في التعجُّب الإِبْهام، لأنّ من شأن الناس أن يَتَعَجَّبُوا ممّا لا يُعْرَفُ سَبَبُهُ، فكلّمَا اسْتَبْهَمَ السَّبَبُ كان التَّعجُّبُ أحْسَنَ ... وأصْلُ التعجُّب إنّما هو للمعنَى الذي خَفِيَ سبَبُه، والصيغة الدّالة عليه تُسَمَّى تَعَجُّباً