وفيما يلي شَرْحُ هذه القيود مع بيان بعضِ الأغراض البلاغيّةِ التي قد يَقْصِدُهَا البلغاء منها.
***
(٢) التقييد بالمفاعيل
أوّلاً - المفعول به:
المفعول به هو في الحقيقة مُسْنَدٌ إليه على مَعْنَى أنَّه هو الذي وقع عليه فعلُ الفاعل، فهو من القيود التي تبيّن حُدُود المسند.
إنّ مثال:"ركب خالدٌ جواداً" يَدُلُّنَا على أنّ العلاقة بين الرُّكوب وخالد، أي النسبة الرَّابطةَ بينهما هي أنّ الرُّكوبَ وقَعَ من خالد، باعتباره فاعل الرُّكوب، وأنّ العلاقة بين الرُّكوب والجواد، أي النسبة الرابطة بينهما هي أنّ الرُّكوبَ وقَعَ على الجواد باعتباره مفعولاً به واقعاً عليه الرُّكوب، فذِكْرُ كلمة "جواداً" في الجملة قد أضاف إليها قيداً، إذْ كانت جملة "رَكِب خالدٌ" جملةً مطلقةً، ذات احتمالات كثيرة، فقد يكون خالدٌ ركب أيَّ مركوب آخر غير الجواد من حيوانٍ أو آلة، كسفينةٍ أو عربةٍ أو نحو ذلك.
من هذا يتبيّن لنا أنّ ذكر المفعول به ممّا يفيد الجملة بياناً تقييديّاً، سواءٌ أكان مفعولاً به لفعل ينصبُ مفعولاً واحداً، كالمثال السابق، أم مفعولاً به ثانياً لفعلٍ يَنْصِبُ مفعولين، مثل:"أَلْبَسَ رَباحٌ زوجتَه حُلَّةً" أم مفعولاً به ثالثاً لفعلٍ يَنْصِبُ ثَلاَثَةَ مَفَاعيل، مثل:"أَعْلَمْتُ سَعِيداً القَمَر بَازغاً".