استعمالها في غير المشكوك فيه أو النادر، ولا سيما حينما يتردَّدُ الشرط بين احتمالين أو احتمالات متعدّدات، مثل أن نقول:"إن استوفى المصلي المطلوبَ منه وجوباً صحَّتْ صَلاتُه، وإنْ لم يستوف المطلوبَ منه وجوباً لم تَصِحَّ صلاتُه" فلفظ "إنْ" في هذا المثال وأشباهه لا يشير إلى أنّ الشرط مشكوكٌ في تحقُّقِهِ أو نادر.
وللبلغاء ذوقٌ دَرّاكٌ للمواطن التي يَحْسُنُ فيها استعمال "إنْ" الشرطية، وللمواطن التي يَحْسُنُ فيها استعمال "إذَا".
ومن الأَمثلة التي جاء فيها استعمال كلٍّ من "إذا" و"إنْ" الشرطيتَيْنِ في مكانه المناسب تماماً، قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الأعراف/٧) : يقصُّ قصّة موسَى عليه السّلام وآل فرعون:
إنّ مَجْرَى إمْدَادِ اللهِ الناسَ بالحسنات في الحياة الدُّنيا أَمْرٌ مُتَحَقِّقٌ وَهُوَ القاعِدَةُ الأَغْلَبِيَّة، ولو كانوا كفَّاراً مُجْرمين، لذلك جَاءَ استعمال كلمة "إذَا" داخلةً على شرط مجيء الحسنة لآلِ فرعون، أمَّا الإِصَابَةُ بالسَّيِّئَة فأمْرٌ نادرٌ وقليلٌ بالنسبَة إلى تواتر الحسنات، وتأتي للتذكيرِ، والتَّنْبِيه على عقوبات الله الكبرى التي جاء بها الوعيد الرَّباني، لذلك جاء استعمال كلمة "إنْ" داخلة على شرط الإِصابة بالسيّئة.
قال الزمخشري في الكشاف: "وللْجَهْلِ بمواقع (إنْ) و (إذا) يَزِيع كثير من الخاصَّة عن الصواب فيَغْلَطُونَ، ألاَّ ترى إلى (عبد الرحمن بن حسَّان) كيف أخطأ بهما الموقع في قوله يخاطِبُ بعض الولاة وقد سأله حاجَةً فلم يقضها، ثُمَّ شُفِعَ لَهُ فيها فقضاها: