أَفْهَمَ اسْتِعْمالُ "إنْ" في هذا النَّصّ أنّ العدد الأكثر من المشركين لم يكونوا شاكّين في أنَّ القرآن كلامٌ مُنَزَّل من عند الله، إنما كانوا جاحدين معاندين، والمعنى أن احتمال وجود الشّكّ في القرآن عندكم أمْرٌ قليلٌ ونادِرٌ، فأكثركُمْ معاندون.
والأصل أن يكون فعل الشرط مع أدَائَيْ "إنْ" و"إِذَا" فِعْلاً مضارعاً، وقد يأتي فعلاً ماضياً لفظاً، إلاَّ أنّ معناه بأداة الشرط انقلب إلى الاستقبال، والبليغ حين يستعمل فعل الشرط ماضياً مع "إنْ" أو "إذا" يُلاحظ غرضاً بلاغيَّاً، ومن هذه الأغراض:
(٢) التفاؤل بتحقُّق الوقُوع، مثل قول الفقير المعدم:"إذا رزقني اللهُ مالاً وفيراً اشتريت داراً واسعة جميلة وأدّيت فريضة الحجّ".
(٣) إظهار الرغبة في تحقُّق الوقوع، مثل قول التاجر الطامع بشراء صفقة تجاريّة رابحة:"إذا تَمَّتْ هذِهِ الصَّفْقَةُ التِّجَاريَّة حصَلَ لنا منها رِبْحٌ وفير".
(٤) التعريض، مثل أن يقول الباحث عن زوجة مناسبة أمام من يرغب أن يتزوَّجَها، إِذَا وَجَدْتُ الجميلة الذكيّة العاقلة ذات الخلُق والدِّين فإنّي أُحِبُّ الزّواج مِنْها إِذَا وَافَقَتْ هِي وأهْلُها.
إلى غير ذلك من أغراض.
على أن حرف الشرط "إنْ" قد يُسْتعمل في غير الاستقبال لفظاً ومعنىً، قياساً مُطَّرِداً في موضعين:
الموضع الأول: أن يأتي فعل الشرط لفظ "كان".
الموضع الثاني: أن يأتي حرف "إنْ" في مقام التأكيد بعد واو الحال لمجرّد