للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة السادسة: الانتقال من الْغَيْبة إلى الخطاب.

***

الأمثلة:

أولاً: فمن أمثلة الانتقال من التكلّم إلى الخطاب مايلي:

* ما جاء في قول الله عزّ وجلّ في سورة (يَس/ ٣٦ مصحف/ ٤١ نزول) في حكاية ما كان من الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة (قيل: هي أنطاطية لنُصْرَة الرُّسل الثلاثة:

{وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى المدينة رَجُلٌ يسعى قَالَ ياقوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرحمان بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ} [الآيات: ٢٠ - ٢٣] .

قوله: {وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِي} معطوفٌ على محذوفٍ دلَّ عليه حرف العطف "الواو" والمطويُّ المحذوف يُمْكِنُ تقديره بأن نقول.

قالوا له: أتُؤْمن بما جاء به هؤلاء المرسلون وتَعْبُدُ الرَّبَّ الَّذِي يدعُونَ لعبادته؟

قال نعم: أومنُ بما جاؤا به، وأَعْبُدُ رَبِّي، ومَالِيَ لاَ أَعْبُدُ الّذي فَطَرَني؟!.

ثم انتقل من التكلّم إلى الخطاب فقال لهم: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فخاطَبَهُمْ مع أن مقتضى الظاهر أن يقول: وإليه أُرْجَعُ يوم الدين ليحاسبني ويجازيني، كما يُرْجَعُ إليه سائر الناس وأنتم منهم.

فأوجز في العبارة، وأشعرهم بأسلوب غير مباشر أنَّهم قد كان عليهم أن يؤمنوا كما آمَنَ هو، لأنّهم سَيُرْجَعُون إليه يوم الدين، وسَيُحَاسِبُهم ويجازيهم على أعمالهم.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>