القسم الأول: أن يكون الكلام المشتمل على القصر موجّهاً لخالي الذّهن، أو إعلاناً عن اعتقاد المتكلم، أو اعترافه بمضمون ما يقول، أو تعبيره عما في نفسه لمجرّد الاعلام به، وأُسمِّيهِ:"قصراً إعلامياً ابتدائياً".
وأشير إلى أنَّ البلاغيين لم يذكروا هذا القسم اكتفاءً بالمفاهيم العامّة المعروفة من توجيه الكلام.
القسم الثاني: أن يكون الكلام المشتمل على القصر موجّهاً لمن يُرادُ إعلامُه بخطأِ تصوُّرِهِ مُشَارَكةَ غيرِ المقصور عليه في المقصور.
ويُسمِّي البلاغيُّون هذا "قَصْرَ إفراد".
مثالُه: يعتقد المشرك أنّ الأربابَ التي يُؤْمِنُ بها تَخْلُق، كما أنَّ اللهَ يخلُق، فنقول لَهُ:"لاَ خَالِقَ إلاَّ الله".
هذا قصر حقيقيٌّ، من قصر الصفة على الموصوف، ويُرادُ منه إفراد الله عزَّ وجلَّ بالخلْقِ، ونَفْيُ صفةِ الخلْقِ عن كلّ ما سواه ومن سواه من الشركاء، لتعريف الخالفِ بأنه مخطىء في تصوّره مشاركةَ غَيْرِ اللهِ للهِ في الخلْق، فهو "قَصْرُ إفراد".
القسم الثالث: أن يكون الكلام المشتمل على القصر موجّهاً لمن يُرادُ إعلامه بخطأ تصوُّره نسْبَةَ المقصور إلى غَيْر المقصور عليه.
ويُسَمِّي البلاغيون هذا "قَصْرَ قَلْب".
مثاله: يعتقد الملحد الذي يَجْحَدُ وجُود اللهِ عزَّ وجلَّ، وينْسُبُ أحداثَ الكون المتقنة العجيبة إلى التطوّر الذاتيّ، وإلى المصادفات، فنقول له:"لا مُحْدِثَ لأحداث الكون إلاَّ الله".
هذا قصرٌ حقيقيٌّ، من قصر الصفة التي هي إِحْداثُ أَحْداثِ الكون، على موصوف واحدٍ هو الله عزَّ وجلَّ، ويُرادُ منه قلْبُ تصوُّر من يُوَجَّهُ له الخطاب،