أو نقول: هو صياغة كلام قصير يدلُّ على معنىً كثير وافٍ بالمقصود، عن طريق اختيار التعبيرات ذات الدَّلالات الكثيرات، كالأمثال والكليّات من الكلمات، أو عن طريق استخدام مجاز الحذف، لتقليل الكلمات المنطوقة، والاستغناء بدلالة القرائن على ما حُذِف، أو عن طريق استخدام ما بني على الإِيجاز في كلام العرب، كالحصر، والعطف، والضمير، والتثنية، والجمع، وأدوات الاستفهام، وأدوات الشرط، وألفاظ العموم، وغير ذلك.
فإذا لم يكن الكلام وافياً بالدّلالة على المقصود كان الإِيجاز فيه إيجازاً مُخِلاًّ، إذ رافق التقصير في الألفاظ تقصيرٌ في المعنى الذي أراد المتكلّم التعبير عنه.
قالوا: ومن أمثلة التعبير بكلام قصير فيه إخلال بأداء المعنى المراد قول "الحارث بن حِلِّزَةَ الْيَشْكُرِي" هو شاعر جاهليّ من أهل بادية العراق، وهو أحد أصحاب المعلّقات:
لاَ يَضِرْكَ: أي: لا يُنْزِلْ بكَ ضَرَراً، من "ضارَهُ يَضِيرُهُ".
النَّوْكُ: الحماقة من قلة العقل.
قال في البيت الأول: إِذَا كان لك حظٌّ من الدّنيا يُسْعِدُك وكُنْتَ أحْمَق فَعِشْ بحظِّكَ فإنّ حماقَتَك لا تَضِيرُكَ.
وقال في البيت الثاني: والعيشُ مع الحظّ السعيد في ظلال النَّوْك (=الحمق) خَيْرٌ ممَّن عَاشَ عَيْشاً كدّاً مُضْنِياً بعَقْلٍ ورُشْدٍ دُونَ أن يكون محظوظاً بما يُسْعِده في دُنْيا.