للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون حشواً غير مفسد للمعنى، فهو كالتطويل، وقد يكون مفسداً للمعنى وهو حينئذٍ حشوٌ ساقط، وضربوا مثلاً للحشو الساقط بقول المتنبي يتحدّث عن الحياة الدنيا:

وَلاَ فَضْلَ فِيها للشَّجَاعَةِ والنّدَى ... وصَبْرِ الْفَتَى لَولاَ لِقَاءُ شَعُوبِ

شَعُوب: اسم علَمٌ على المنيّة.

قالوا: جاءت عبارة "والنّدى" حشْواً مفسداً للمعنى، وذلك لأنَّ الإِنسان إذا أَمِنَ من ملاقاة الموت زاد تعلّقه بالمال، إذْ تعظُم حاجته إليه بدوام الحياة، فلا يكون لديه جُودٌ به، وعندئذٍ يظهر فَضْلُ النَّدَى أي: الجود، بخلاف مترقّب الموت فإنّه يكثر جوده. أمّا الشجاعة فعلَى عكس الندى، لولا توقُّع ملاقاة الموت بها، ولولا الخوف منه، لما تفاضل الناس بها.

ولم يتعرّض العكبري لهذا النَّقْد، بل شرح كلام المتنبي دُونَ تعقيب.

أما الحشو غير المفسد فمنه قول أبي العيال الهذلي:

ذَكَرْتُ أخِي فَعَاوَدَنِي ... صُدَاعُ الرأْسِ والْوَصَبُ

فجاء ذكر الرأس حشواً غير مفسد، لأنّ الصداع لا يكونُ إلاَّ في الرأس.

وقول أبي عديّ:

نَحْنُ الرّؤوسُ وَمَا الرُّؤُوس إِذَا سَمَتْ ... في الْمَجْدِ لِلأَقْوَامِ كَالأَذْنَابِ

فجاء ذكر "للأقوام" حشواً غير مفسد، وهكذا.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>