ولَكْماً حتّى غاب عن وعيه، ولمّا علم أهله بأمره جاءوا فحملوهُ مريضاً يئنُّ من الألم، تعريضاً للمخاطب بأنّه إذا أراد التطاول عليه أنزل به مثل ذلك، فهو ذو عزوة وأنصار وقُدْرَة.
ويقول طالب وظيفة ذات راتب في الدولة، بحضور من يملك توظيفه، أو باستطاعته أن يتوسط له لدى من يملك توظيفه:
أنا لا عمل عندي أكسب منه مالاً، وعندي من المؤهلات كذا، وعندي أسرة من خمسة أشخاص أنا مسؤول عن إعالتهم، تعريضاً بأن يوظفه أو يتوسط له.
فالتعريض فنٌّ من فُنون القول غير المباشر يُعْتَمَدُ فيه غالباً على قرائن الحال لاَ على قرائن المقال، والتعريضُ - كما سبق - أخفى من الكناية، لأنّ الكناية لا تقتصر قرائنها على قرائن الحال، بل لها من قرائن المقال ما يَدُلُّ على المراد بها.
***
الأغراض البلاغية لاستخدام التعريض:
قد يتحقق باستخدام التعريض أغراض بلاغيةٌ تشبه الأغراض البلاغيَّة التي تتحقق باستخدام الكناية، وهي التي سبق بيانها في بحث الكناية، دون حصر.
وفي التعريض مزيد إخفاء يجعلُهُ أكثر قولاً حينما يكون التصريح مثيراً لغضبٍ، أو نقدٍ، أو اتّهام، أو عَذْلٍ وتَلْوِيم، أو يكشف أمراً يجب سَتْرُه عن الرُّقباء، فيقوم التعريض مقام الإِلغاز والرَّمْزِ الخفيّ، وما يُسمَّى في اصطلاح الجيوش "الشيفرة".
أمثلة:
المثال الأول: قول الله عزّ وجلّ في سورة (الزمر/ ٣٩ مصحف/ ٥٩ نزول) خطاباً لرسوله: