* إنّه مثلاً قد يلاحظ انقطاع الصلة بين فئة من الناس وفئة أخرى، أو قومٍ وقوم آخرين، لعداوة قائمة بينهما، ويرى إصْرار كلٍّ من الفريقين على موقفه العدائي، ومجافاة الفريق الآخر، وعدم التلاقي به أو التعامل معه، فَيَلْمَحُ أنّ هذا الأمر بين الفريقين يشبه جبَلَيْنِ يفصل بينهما وادٍ سحيق ليس له قرار، ويلْمَح أنّ إقامة الصِّلاتِ بينهما متعذّرٌ أو متعسّر جدّاً ما دام هذا الفاصل السحيق بينهما، فيخطرُ له ان يتخذ وسطاء مقبولين، من كلٍّ من الفريقين، ليقوم هؤلاء الوسطاء بنقل المصالح والحاجات بينهما.
ويَلْمح أن هؤلاء الوسطاء سيكونون بمثابة الجسور التي تُبْنَى فوق الوادي، ويكون أحد طرفيها على هذا الجبل، والطرف الآخر على الجبل الآخر، وعندئذٍ لا يحتاج المجتازُ أن يَعْبُرَ الوادي السحيق المتعذّر العبور أو العسير جدّاً.
حيت تكتمل لديه الصورة على الوجه الذي سبق تفصيله يختصر في التعبير فيقول:"نقيم بين الفريقين المتعادِيَيْن جُسُورَ التواصل".
إنّه يستخدم كلمة "جسور" استخداماً مجازيّاً، يدركه المتلقّي بالتفكّر، لأنّ الفئات المتخاصمة المتجافية لا تُقام بينها جسورٌ مادّيّة، بل يقوم الوسطاء بينها بحلّ كثير من المشكلات بينها.
وتدلُّ كلمة "جسور" على صورة ذات عناصر كثيرة، وكلُّ من هذه العناصر ذو دلالة خاصة، وأبعادٍ فكريَّة متشعبة.
ولا يصعُبُ على من يَعْتَاد مثلَ هذه التعبيرات أن يُدْرِكَ أنَّ صاحب العبارة قد شَبَّه حالة الفريقين المتجافيين بحال مُرْتَفِعَيْنِ من الأرض بينهما فاصلٌ يتعذّر أو يعْسُر جدّاً اجتيازه إلاَّ بمجازٍ يُقَامُ بينهما، وهو الجسْرُ الذي يمتَدُّ فوق الوادي، ويكون أحد طرفيه على هذا المرتَفع، والطرف الآخر على المرتَفع الآخر.
* ويتكرّر مثلاً على ألسنة الناس استعمال عبارات:"أهل البلد - أهل القرية - أهل المدينة - أهل الدار" في جُمَل لا يَصْلُح فيها إلاَّ إرادة الأهل.