للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقسيم الاستعارة في المفرد إلى تصريحيّة ومكنيّة

نظر البيانيون في الاستعارات الواردات في المفرد فرأوا أنّ اللّفظ المستعار فيها للدلالة به على غير ما وُضع له في اصطلاحٍ به التخاطب، قدْ يُؤْتَى به صريحاً بذاته، وقد يُطْوَى فلا يؤتَى به بلفظه، ولكن يُكنَّى عنه بذكر شيءٍ من صفاته أو لوازمه القريبة أو البعيدة، فظهر لهم أن يُقَسِّمُوا الاستعارة إلى قسمين:

القسم الأول: سمّوه "الاستعارة التصريحية" وهي الّتي يُصَرَّحُ فيها بذات اللّفظ المستعار، الذي هو في الأصل المشبّه به حين كان الكلام تشبيهاً، قبل أن تُحْذَف أركانه باستثناء المشبَّهِ به، أو بعض صفاته أو خصائصه، أو بعض لوازمه الذهنيّة القريبة أو البعيدة، مثل:

(١) وقف الغضنفر على المنبر، وارتجل خُطْبَتَهُ العصماء، على عِلْيَةِ القوم والدّهماء، فبشّر وأنذر، وأطمع وحذّر، وقال: أنا أميركم المبعوث إليكم بالرحمة والسيف، والفضل والعدل، فمن أطاع واستقام، أصاب من الإِنعام والإِكرام، ومن عصى والْتَوى، فبنار إثْمِهِ احْتَرَقَ أو اكتوى.

إنّ كلمة "الغضنفر" التي هي بمعنى "الأسد" قد استعيرت بذاتها من الحيوان المفترس، وأُطْلِقَتْ على الأمير المبعوث لقومٍ أهل شقاق وخلاف.

فهي في هذا المثال استعارة تصريحيّة، إذْ جاء فيها التصريح بذات اللّفظ المستعار.

<<  <  ج: ص:  >  >>