للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومنها استعمال أدوات الاستفهام في غير طلب الفهم، واستعمال أدوات التمنّي والترجّي في غير ما وُضِعَتْ له لأغراض بلاغيّة.

وقد سبق شرح كثير من هذه الأمور في علم المعاني.

* ومنها ما يُسمَّى "التضمين" وأظْهَرُهُ تضمين فعل أو ما في معناه، معنى فعل آخر، وتعديته بما يلائم الفعل الذي ضُمِّنَه، مثل:

- قول الله عزّ وجلّ في سورة (البقرة/ ٢ مصحف/ ٨٧ نزول) :

{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصيام الرفث إلى نِسَآئِكُمْ ... } [الآية: ١٨٧] .

الرَّفَثُ: لا يتعَدَّى بحرف الجرّ "إلى" لكنّه ضُمِّنَ معنَى فعل "أفْضَى" فَعُدِّيَ تَعْدِيتَهُ، والمعنى: أُحِلَّ لكم الرفث مُفْضِين به إلى نسائكم، فأغنى هذا الأسلوب التضميني عن التعبير بجُمْلَتين، أو عن التصريح بالحال.

- وقول الله عزّ وجلّ في سورة (النازعات/ ٧٩ مصحف/ ٨١ نزول) في حكاية خطابه لموسى عليه السلام:

{اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى * فَقُلْ هَل لَّكَ إلى أَن تزكى} [الآيات: ١٧ - ١٨] .

أصل التعبير: هَلْ لَكَ أن تتزكَّى، ولكن لمَّا تضمَّنَ الْعَرْضُ معنى الدعوة إلى التزكية، عُدِّي تَعْدِيَة أَدْعو، فالمعنى: هل يطيبُ لَكَ أنْ أدْعُوكَ إلَى أن تتزَكَّى.

- وقول الله عزّ وجلّ في سورة (البقرة/ ٢ مصحف/ ٨٧ نزول) بشأن منافقي العرب:

{وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [الآية: ١٤] .

فعل "خلا" لا يُعَدَّى بحرف "إلَى" لكنّ الفعل ضُمِّنَ معنَى الرُّجوع، فعُدِّي تَعْدِيته، والتقدير: فإذا خَلَوْ من جماعة المؤمنين ورجعوا إلى شياطينهم من اليهود أو قادَتِهم من المشركين قالوا لهم: إنّا معكم إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئون.

<<  <  ج: ص:  >  >>