فقد استعملت هذه اللّفظة "الكُفّار" المرادفة في معناها هنا اللفظة "الزرّاع" بدل استعمال لفظة "الزرّاع" تلويحاً بأنّ مقابل الزرّاع في المثل هم الكفّار في الممثَّل له، فالمعجبون بزينة الحياة الدُّنيا المغرورون بها هم الكفّار، ويقابِلُهُمْ في المثل الزرّاع الذين يعجبهم النّبات إذا نزل عليه الغيث فاخضرّ وأنبت.
ولمّا كانت تطلق في اللّغة لفظة "الكفّار" على "الزرّاع" لأنّهم بزرعهم يدفنون الحبّ في الأرض فيسترونه، والكفر في اللّغة هو الستر، اختيرت لفظة "الكفّار" هذه بالذّات، لتدلّ على الزرّاع في مكانها التي استعملت فيه، ولتلوِّح بأنّ مقابِلَهُمْ في الممثَّل له هم الكفّار بيوم الدين.
ويزيدنا ثقّة بأنّ اختيار هذه اللّفظة هنا كان مقصوداً، لتَحْمِل هذا التلويح الذي لا يُتَنبَّه له إلاَّ بذكاء لمّاح اختيارُ كلمة "الزرّاع" في موقع آخر من القرآن، لأنّ ذلك الموقع لا حاجة فيه إلى مثل هذا التلويح، وهو ما جاء في وصف أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الإِنجيل، كما روت لنا سورة (الفتح/ ٤٨ مصحف/ ١١١ نزول) إذ قال الله تعالى فيها: