للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فظهر بهذا التحليل في النصّ "الجمع مع التفريق والتقسيم".

المثال الثاني: قول "ابن شَرَف القيرواني" يمدح أميراً:

لِمُخْتَلِفِي الْحَاجَاتِ جَمْعٌ بِبَابِهِ ... فَهَذَا لَهُ فَنٌّ وَهذا لَهُ فَنُّ

فَلِلْخَامِلِ الْعُلْيَا وَلِلْمُعْدِمِ الْغِنَى ... ولِلْمُذْنِبِ الْعُتْبَى ولِلْخَائِفِ الأَمْنُ

لقد جمع في حكم واحد، وهو أن مختلفي الحاجات مجتمعون في باب الأمير.

وفرَّقَ بين المجتمعين بأن كلّ واحد له فَنٌّ مخالفٌ لفنّ غيره.

وقسَّمَ في البيت الثاني:

* فأبان أنّ خَامِلَ الذِّكْرِ ينال من الأمير إعلاء شأنه.

* وأن الْمُعْدِمِ طالبَ المال يَنَالُ من الأمير الغنى.

* وأن المذنِبَ الذي يرجو رفع العتب عنه ينال العتْبَى، أي: الرضا.

* وأنّ الخائف الذي يرجو الأمن ينال من الأمير الأمْنَ.

***

الحالة السادسة:

أن يرى المتكلّم الأديب أنّ المعنى الذي يُعبّر عنه بعبارةٍ ما يتفرَّعُ عنه معنىً آخر، ويرى فَنِّيّاً أَنَّ من البديع في القول أن يُعبّر عمّا لاَحظهُ على سبيل التخيُّل أو الادّعاء.

ومعلومٌ أنّ كون الشيء فرعاً لشيءٍ آخر ينتج عن ارتباطه به ارتباط الفرع بالأَصْل.

والمتكلّم الأديب يَبْنِي على ما تَصَّور، فيفرِّعُ فِكْرَةً عَنْ فِكْرَة، ويبنيها عليها، كما يكون الولد فرعاً لأبويه، وكما تكون أغصانُ الشجرة ونواميها فروعاً لساقها وجذرها.

وهذا ما يطْلَقُ عليه في البديع: "التَّفْريع".

<<  <  ج: ص:  >  >>