للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: والقولان متقاربان من حيث المعنى.

الثالث: أن «ما» حرف نفي، والجملة معطوفة على الجملة المنفية قبلها، وهي: «وما كفر سليمان»؛ والتقدير: وما أنزل على الملكين إباحة السحر.

الرابع: أن محلها الجر عطفاً على «ملك سليمان»؛ والتقدير: افتراءً على ملك سليمان، وافتراءً على ما أنزل على الملكين. قال أبو البقاء (١): «تقديره: وعلى عهد الذي أنزل على الملكين» (٢).

هذا حاصل ما قيل في إعرابها، وبالتأمل في هذه الأقوال الأربعة، يتبين أن الأول والثاني يدلان على أن السحر أنزل على الملكين، والثالث والرابع يدلان على نفي إنزال السحر على الملكين؛ ولهذا تدور أقوال المفسرين على المعنيين المذكورين؛ وإليك بعض توجيهات المفسرين لهما:

أولاً: القول بأن «ما» نافية:

قال ابن جرير الطبري: « … فتأويل الآية على هذا المعنى الذي ذكرناه عن ابن عباس، والربيع من توجيهها معنى قوله: «وما أنزل على الملكين» إلى: ولم ينزل على الملكين؛ واتبعوا الذي تتلوا الشياطين على ملك سليمان من السحر، وما كفر سليمان، ولا أنزل الله السحر على الملكين، ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت»؛ فيكون حينئذ قوله:


(١) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، أبو البقاء، محب الدين، عالم بالأدب، واللغة، والفرائض، والحساب، أصله من عكبرا، ومولده ووفاته في بغداد، مكثر في التأليف، مات سنة ٦١٦ هـ. انظر ترجمته في: الأعلام (٤/ ٨٠).
(٢) انظره في التبيان له (١/ ٩٩)، وانظر في الأقوال السابقة: تفسير الطبري (٢/ ٤١٩) وما بعدها، والمحرر الوجيز (١/ ٣٠٧، ٣٠٨)، وتفسير ابن كثير (١/ ٣٥٠)، والدر المصون
(٢/ ٣٠).

<<  <   >  >>