للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الاستدلال أن الله أمر بالاستعاذة من شر السواحر، وهذا دليل على وقوع السحر، ووجوده، ومضرته، وإلا فكيف يأمر بالاستعاذة مما لا وجود له.

ثانياً من السنة:

١ - قصة سحر النبي ، وقد أخرجها البخاري في صحيحه في سبعة مواضع (١)، ومسلم من حديث عائشة (٢) ، قالت: «كان رسول الله سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء، ولا يأتيهن، - قال سفيان (٣): وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا - فقال: يا عائشة: أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيه فيه؟، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟، قال: مطبوب (٤). قال: ومن طبه؟، قال: لبيد بن أعصم (٥) رجل من بني زريق حليف ليهود، كان منافقاً،


(١) وأرقام الأحاديث عنده: (٣٢٦٨، ٣١٧٥، ٥٧٦٣، ٥٧٦٥، ٥٧٦٦، ٦٠٦٣، ٦٣٩١)، كما في فتح الباري.
(٢) وهذا اللفظ الذي سأسوقه قد اتفق عليه الشيخان، كما سترى توثيق ذلك عند تخريج الحديث.
(٣) هو ابن عيينة كما في فتح الباري (١٠/ ٢٤٣)، وعمدة القاري (١٤/ ٧٤٤)، وهو سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد، الكوفي، ثم المكي، ثقة حافظ، إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخره، وكان ربما دلس، لكنه عن الثقات، مات في رجب سنة ثمان وتسعين ومائة، وله إحدى وتسعون. انظر ترجمته في: التقريب ص (٣٩٥).
(٤) أي مسحور، يقال: طُب الرجل بالضم إذا سحر، كنوا عن السحر بالطب تفاؤلاً، كما يقال للّديغ سليم، وقال ابن الأنباري في الأضداد ص (٢٣٠): الطب من الأضداد، يقال: الطب لعلاج السحر وغيره من الآفات والعلل، ويقال: الطب للسحر. وانظر: فتح الباري (١٠/ ٢٣٩)، وعمدة القاري (١٤/ ٧٤٠).
(٥) هو لبيد بن الأعصم اليهودي من يهود بني زريق، وبنو زريق بطن من الخزرج، قال ابن حجر عنه: قيل: إنه يهودي، وقيل: حليف اليهود، وكان منافقاً، ويجمع بينهما بأن من أطلق أنه يهودي، نظر إلى ما في نفس الأمر، ومن أطلق عليه منافقاً نظر إلى ظاهر أمره، وقيل: يحتمل أنه قيل له يهودي، لكونه من حلفائهم، لا أنه على دينهم. انظر: فتح الباري (١٠/ ٢٣٧).

<<  <   >  >>