للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: دلالة الآية على حكم تعلم السحر وتعليمه (١)

لقد جاءت هذه الشريعة المباركة بتحصيل المصالح، ودرء المفاسد، فما أحلت، وأذنت في شيء إلا وخيره أكثر من شره، إن لم يكن خيراً محضاً، ولا منعت من شيء إلا وشره أكثر من خيره، إن لم يكن شراً محضاً، ولهذا فإن الشر الذي من السحر أضعاف أضعاف ما يحصل به من النفع إن حصل؛ ولهذا لم يختلف العلماء في تحريمه، قال ابن قدامة: «تعلم السحر، وتعليمه حرام، لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم» (٢).

وقال النووي: « … فعمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع»، ثم قال: « … وأما تعلمه، وتعليمه فحرام … » (٣).

وقد دلت هذه الآية الكريمة على تحريم تعلمه، وتعليمه من عدة وجوه:

الأول: قوله: ﴿ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم﴾، قال الأمين الشنقيطي في تقريره عدم جواز تعلم السحر: «والتحقيق وهو الذي عليه الجمهور، وهو أنه لا يجوز، ومن أصرح الأدلة في ذلك: تصريحه تعالى بأنه يضر


(١) كنت أريد ذكر القول الآخر القائل بجواز تعلم السحر، وأدلته، فلم أجد أحدا قال به من المفسرين غير الفخر الرازي، ثم تأملت هذا القول، فوجدته مردوداً بحكاية الإجماع على حرمته، كما ذكره ابن قدامة، والنووي، كما سيأتي، وإن لم يكن إجماعاً، فهو قول باطل مردود بمعارضته لصحيح وصريح النصوص، فلا يشتغل بذكره، بل قد يكون في ذكره مضرة، وقد توسع في رد هذا القول وإبطاله الشيخ عمر الأشقر في كتابه عالم السحر والشعوذة ص (٢١٩ - ٢٢٤)، ورده بعشرة أوجه.
(٢) انظر: المغني (٨/ ١٥٤).
(٣) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١٤/ ١٧٦).

<<  <   >  >>