للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وماروت بدل من الشياطين في قوله: «ولكن الشياطين كفروا»، هذا أولى ما حملت عليه الآية من التأويل، وأصح ما قيل فيها، ولا يلتفت إلى ما سواه» (١) اه.

ثانيا: القول بأن «ما» موصولة

أكثر المفسرين على ذلك، وهو اختيار الطبري، وابن كثير، ويعضده ظاهر القرآن، وبعض الآثار، مع السلامة من الحاجة إلى تقدير تقديم وتأخير في الكلام.

قال ابن جرير بعد أن ساقه عن ابن مسعود، وابن عباس، والسدي، وقتادة، وابن زيد (٢) «فمعنى الآية على تأويل هذا القول الذي ذكرناه عمن ذكرنا عنه: واتبعت اليهود الذي تلت الشياطين في ملك سليمان، والذي أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، وهما ملكان من ملائكة الله … ».

وهذا القول يرد عليه إشكالان:

الأول: ما أشار إليه الطبري بقوله: «إن قال لنا قائل: وهل يجوز أن ينزل الله السحر، أم هل يجوز لملائكته أن تعلمه الناس؟».

وأجاب عنه بقوله: «قلنا له: إن الله ﷿ قد أنزل الخير والشر، وبين جميع ذلك لعباده، فأوحاه إلى رسله، وأمرهم بتعليم خلقه، وتعريفهم ما يحل لهم مما يحرم عليهم، وذلك كالزنا، والسرقة، وسائر المعاصي التي أخبرهم بها، ونهاهم عن العمل بها … » (٣).

الثاني: ما دلت عليه النصوص من عصمة الملائكة من الوقوع في المعاصي،


(١) انظر: تفسير القرطبي (٢/ ٥٠).
(٢) هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم، صاحب قرآن وتفسير، جمع تفسيرا في مجلد، وكان ضعيفاً في الحديث، مات سنة ١٨٢ هـ. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (٨/ ٣٤٩)، والتقريب ص (٥٧٨).
(٣) انظر: تفسير ابن جرير (٢/ ٤٢١، ٤٢٢).

<<  <   >  >>