للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حكم الساحر اللذين ظاهرهما الاختلاف، فقال بعد أن ذكر قول الجمهور في كفر الساحر، وقول الشافعي في عدم كفره: « … وعند التحقيق ليس بين القولين اختلاف، فإن من لم يكفر لظنه أنه يتأتى بدون الشرك، وليس كذلك، بل لا يتأتى السحر الذي من قبل الشياطين إلا بالشرك، وعبادة الشيطان، والكواكب، ولهذا سماه الله كفراً في قوله: ﴿إنما نحن فتنة فلا تكفر﴾ [سورة البقرة: ١٠٢]، وقوله: ﴿وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا﴾ [سورة البقرة: ١٠٢] … إلى أن قال: « … وأما سحر الأدوية، والتدخين، ونحوه، فليس بسحر، وإن سمى سحراً، فعلى سبيل المجاز، كتسمية القول البليغ، والنميمة سحراً، ولكنه يكون حراماً لمضرته يعزر تعزيرا بليغاً» (١).

بعد هذه المقدمة الموجزة، والتي يزول بها كثير من الإشكالات في هذا الموضوع إليك بيان دلالة الآية على كفر الساحر؛ فقد دلت هذه الآية والتي تليها على كفر الساحر من خمسة أوجه:

الأول: نفي الكفر عن نبي الله سليمان في معرض اتهامه بالسحر في قوله: ﴿وما كفر سليمان﴾، إذ لو كان ساحراً - وحاشاه - لكان كافراً.

ثانياً: قوله: ﴿ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر﴾ صريح في كفر معلم الناس السحر.

ثالثاً: قوله عن هاروت وماروت مقرراً له: ﴿وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر﴾، قال صديق حسن خان: أبلغ إنذار وأعظم تحذير، أي: إن هذا ذنب يكون من فعله كافر، فلا تكفر (٢).


(١) انظر: تيسير العزيز الحميد ص (٢٨٣).
(٢) انظر: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام ص (٢١).

<<  <   >  >>