للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكذبين بالحق.

﴿فلما جاءهم الحق من عندنا﴾، وهو ما جاء به موسى من الحجج والآيات، ﴿قالوا إن هذا لسحر مبين﴾ أي: بين لمن رآه وعاينه أنه سحر.

﴿قال موسى﴾ موبخاً لهم على ردهم للحق الذي لا يرده إلا أظلم الناس

﴿أتقولون للحق لما جاءكم﴾ أنه سحر مبين، ﴿أسحر هذا﴾ إنكار عليهم، فإنه بمجرد النظر في وصفه، وما اشتمل عليه يجزم بأنه الحق، ﴿ولا يفلح الساحرون﴾ لا يظفرون بمطلوب، ولا يفوزون بخير لا في الدنيا ولا في الآخرة.

﴿قالوا﴾ رادين لقوله بما لا يُرد به ﴿أجئتنا﴾ يا موسى ﴿لتلفتنا﴾ لتصرفنا وتثنينا ﴿عما وجدنا عليه آباءنا﴾ أي: الدين الذي كانوا عليه، فجعلوا الباطل والشرك الذي عليه آباؤهم حجة يردون بها الحق الذي جاء به موسى.

﴿وتكون لكما﴾ أي: لك ولهارون ﴿الكبرياء في الأرض﴾ أي: الملك، قاله مجاهد، وقال الضحاك: الطاعة في الأرض، وقيل: العظمة والرياسة (١)، وهي متقاربة؛ ﴿وما نحن لكما بمؤمنين﴾ بمقرين بأنكما رسولان أرسلتما إلينا ولا متبعين ما جئتما به تكبراً وعناداً، لا لبطلان ما جاءا به، ولا لاشتباه فيه، ولا لغير ذلك، إنما هو الظلم والعدوان، وإرادة العلو في الأرض الذي رموا به موسى وأخاه.

﴿وقال فرعون﴾ معارضاً للحق الذي جاء به موسى ﴿ائتوني بكل ساحر عليم﴾ ماهر بالسحر متقن له، فأرسل في مدائن مصر من أتاه بأنواع السحرة.

﴿فلما جاء السحرة﴾ لمغالبة موسى ﴿قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون﴾ أي: أيُّ شيء أردتم لا أُعيّن لكم شيئا، وذلك لأنه جازم بغلبته غير مبال بهم وبما جاءوا به، وليرى الناس ما صنعوا من الباطل، ثم يأتي الحق بعده، فيدمغه. ﴿فلما ألقوا﴾


(١) انظر: تفسير الطبري (١١/ ١٤٦ - ١٤٧)، وتفسير ابن كثير (٤/ ٢٨٥).

<<  <   >  >>