قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى. فأوجس في نفسه خيفة موسى. قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى. وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى. فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى. قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى. قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا. إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى. إنه من يأت ربه مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى. ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى. جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى﴾ [سورة طه: ٥٦ - ٧٦].
يخبر جل وعلا عن قيام الحجة على فرعون بقوله: ﴿ولقد أريناه آياتنا كلها﴾ أي: أدلتنا وحججنا على حقيقة ما أرسلنا به رسولينا: موسى وهارون كلها.
﴿فكذب وأبى﴾ أن يقبل من موسى وهارون ما جاءا به من عند ربهما من الحق استكباراً وعناداً، كما قال تعالى: ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً فانظر كيف كان عاقبة المفسدين﴾ [النحل: ١٤]، فقال عند ذلك: ﴿أجئتنا لتخرجنا من أرضنا﴾ منازلنا ودورنا ﴿بسحرك يا موسى﴾ زعم أن الآيات التي جاء بها موسى سحر وتمويه، لذا قال: ﴿فلنأتينك بسحر مثله﴾ أي: لنعارضنك بمثل ما جئت به من السحر، حتى يتبين للناس أن الذي جئت به سحر، يقدر على مثله الساحر،
﴿فاجعل بيننا وبينك موعداً﴾، أي: وعداً، أي: اجعل لنا يوماً معلوماً، ويدل عليه: ﴿موعدكم يوم الزينة﴾، وقيل: مكاناً، أي: مكانا مستوياً يتبين الناس ما فيه، قاله عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم، وقال السدي: عدلاً، وقال مجاهد، وقتادة