للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم المرسِل إما من كبار التابعين، أو من صغارهم، فإن اعتضد حديث الأول بضعيف يرجح، كقول صحابي، أو فعله، أو قول أكثر العلماء، أو مسند آخر يرسله الراوي مرة، أو راو آخر.

فإن قلت: إذا أسنده الراوي، أو غيره، فالعمل إنما هو به بالمرسل فأي فائدة في إسناد العمل إليه؟

قلت: فائدته تظهر لدى التعارض، فإنه يقدم على المسند المجرد.

وقول الإمام: "هذا في مسند لم تقم الحجة بإسناده" (١). لم يرفع الإشكال لأنه يفرض في مسند تقوم به حجة، ويعضده المرسل، أو قياس، أو انتشار من غير نكير، أو عمل أهل العصر، المجموع يصير حجة لا العاضد وحده، أو المعضود (٢): لأن الهيئة الاجتماعية لها قوة لا توجد في الآحاد،


= راجع: البرهان: ١/ ٦٤٠، وتشنيف المسامع: ق (٩٥/ أ)، والغيث الهامع: (ق ٩٩/ ب)، والمحلي على جمع الجوامع: ٢/ ١٦٩، وهمع الهوامع: ص/ ٢٩٠، وشرح تنقيح الفصول: ص/ ٣٨٠، وغاية الوصول: ص/ ١٠٥، والمحلي على الورقات: ص/ ١٨٨، وحاشية العطار: ٢/ ٢٠٢.
(١) راجع: المحصول: ٢/ ق/ ١/ ٦٦٠.
(٢) وعلى هذا فمرسل كبار التابعين، وهم الذين كثرت روايتهم عن الصحابة كسعيد بن المسيب، وكقيس بن أبي حازم، وأبي عثمان النهدي، وأبي رجاء العطاردي مقبول عند الشافعي، وعليه يحمل كلامه الذي تقدم لكن لا على انفرادهم، بل لا بد أن ينضم إليه ما يؤكده، ويوجحه، وقد ذكر الشارح سبع صور، متى وجدت واحدة منها مع مرسل كبار التابعين كان حجة، وبهذا يحقق مذهب الشافعي في المسألة، ويجمع بين نقل جمهور أصحابه أنه يقبل مرسل كبار التابعين الذين لا يرسلون إلا عمن يقبل خبره وبين ما نقله النووي سابقًا عن البيهقي، والخطيب من نفي ذلك الإطلاق عنه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>