للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا في العصر الأول، الذين فرض استقرار خلافهم، وأما الذين نشؤوا بعدهم، وهم أهل العصر الثاني، هل يجوز منهم الاتفاق على أحد قولي العصر الأول، مع تطاول الزمان؟ فيه خلاف.

ذهب الأشعري، وأحمد، والإمام الغزالي، إلى امتناعه (١)، وهو مختار المصنف، تمسكًا بالعادة، إذ هي قاضية بأنه لو كان دليل على بطلان أحدهما لاطلع عليه أهل العصر الأول. وهذا كما ترى مجرد استبعاد.

قيل: لو وقع ذلك لوقع التعارض بين الإجماعين، ولا تعارض بين القطعيين، وإنما يقع التعارض لأن أهل العصر الأول أجمعوا على جواز العمل بكل منهما، وأهل العصر الثاني على أحدهما فقط.

الجواب: أهل العصر الأول لم يسوغوا العمل بكل منهما، بل كل طائفة تسوغ القول الذي تقول به، ومثله ليس من الإجماع في شيء.


(١) واختاره أبو إسحاق الشيرازي، وإمام الحرمين، والآمدي، وغيرهم. وذهب جمهور الحنفية، والمالكية، وجمع في الشافعية إلى الجواز واختاره الإمام الرازي وأتباعه، وابن الحاجب، وهذه المسألة كالتي قبلها، فالمانعون هناك هم المانعون هنا، والمجوزون هناك هم المجوزون هنا.
راجع: اللمع: ص/ ٥١، والبرهان: ١/ ٧١١، والمستصفى: ١/ ١٠٣، والمنخول: ص/ ٣٢١، والإحكام للآمدي: ١/ ٢٠٢ - ٢٠٣، والمحصول: ٢/ ق/ ١/ ١٩٤، ومختصر ابن الحاجب: ٢/ ٤١، والمسودة: ص/ ٣٢٥، ٣٤٢، ومختصر الطوفي: ص/ ١٣٥، وتشنيف المسامع: ق (٩٩/ ب)، والغيث الهامع: ق (١٠٦/ ب)، والمحلي على جمع الجوامع: ٢/ ١٨٧، وهمع الهوامع: ص/ ٣٠٧، وإرشاد الفحول: ص/ ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>