للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو حنيفة: في الحدود، والكفارات (١)، والرخص.


= قلت: لكني وجدت ابن حزم ذكر أن داود لا يقول بالقياس مطلقًا حتى وإن كانت العلة منصوصًا عليها، وهو أعلم بمذهبه من غيره، حيث قال - بعد ذكره العلة المنصوص عليها، والقائلين بذلك -: "وهذا ليس يقول به أبو سليمان رحمه الله، ولا أحد من أصحابنا، وإنما قول لقوم لا يعتد بهم في جملتنا كالقاشاني، وضربائه". الإحكام له: ٨/ ١١١٠، وهذا ما أكده إمام الحرمين، والغزالي، وغيرهما.
راجع: البرهان: ٢/ ٧٥١، والمستصفى: ٢/ ٢٣٤، والمنخول: ص/ ٣٢٥. وانظر: الإحكام للآمدي: ٣/ ١١٠، والإبهاج: ٣/ ٧، وحاشية العطار على المحلي: ٢/ ٢٤٢.
(١) وكذا في التقديرات: لأن المعنى فيها لا يدرك، فلا قياس فيها عندهم. وأجيب: بأنه يدرك في بعضها، فيجري فيها القياس، وقد مثل لكل منها: وقد مثل الشارح للحدود كما سيأتي بقياس النباش على السارق في وجوب القطع، بجامع أخذ مال الغير من حرز خفية. ومثاله في الكفارات: قياس القاتل عمدًا على القاتل خطأ في وجوب الكفارة، بجامع القتل بغير حق.
ومثاله في الرخص: قياس غير الحجر عليه في جواز الاستنجاء به الذي هو رخصة، بجامع الجامد الطاهر القالع. وأبو حنيفة أخرج هذا عن القياس، بكونه في معنى الحجر، وسماه دلالة النص، فهو من قبيل المنطوق عنده، أما الشافعي فهو يعتبر دلالة النص، أي: مفهوم الموافقة بقسميه، قياسية، كما تقدم ذلك.
ومثاله في التقديرات: قياس نفقة الزوجة على الكفارة في تقديرها على الموسر بمدين، كما في فدية الحج، والمعسر بمد، كما في كفارة الوقاع، بجامع أن كلًا منهما مال يجب بالشرع، ويستقر بالذمة، وأصل التفاوت مأخوذ من قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧]، وقوله: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣]. =

<<  <  ج: ص:  >  >>