مثال ذلك: ما يقول الشافعي: أمان العبد صحيح: لاحتوائه الإسلام، والعقل، وهما مظنتان لبذل الأمان.
فيول المعترض: معارض بالحرية، فإنها مظنة فراغ القلب الملائم للنظر والرأي، فالحرية جزء العلة.
فيقول المستدل: لو كانت الحرية معتبرة لما صح أمان العبد المأذون، مع أنه صحيح اتفاقًا.
فيقول المعترض: إذن السيد بدل عن الحرية، لكون العبد حينئذ فارغ القلب فيما يتصدى له.
قال المصنف: إلغاء المستدل الخلف معتبر إلا في صورتين:
إحداهما: دعوى القصور بأن يقول: ما أبديته علة قاصرة، فإنه لا يقبل هذا الإلغاء، لأن العلة القاصرة معتبرة، أو إذا سلم وجود المظنة، ثم زعم ضعف المعنى، كما إذا سلم أن الردة علة القتل.
فيقول المعترض: قيد الرجولية معتبر لأن الرجل مظنة الإقدام على قتال المسلمين.
فيقول المستدل: الرجل مظنة، ولكن لم تعتبر تلك المظنة، وإلا لم يقتل المرتد المقطوع اليدين لأنه أضعف من النساء، وإنما لم تقبل منه، لأنه سلم المظنة إلى اعتبرها الشارع في ربط الأحكام، وضعف المعنى غير قادح.
ألا ترى أن السفر لما كان مظنة المشقة نيط به الرخص، وترفه الملوك لا يمنع تلك الرخص.