للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقريره: أن الحكم الشرعي لا يمكن ثبوته من غير دليل، إذ لو ثبت لزم المحال، وهو وقع تكليف ما لا يطاق، لأن ذلك الحكم لا بد وأن يكون متعلقًا بأفعال المكلفين، كما تقدم في أول الكتاب.

وقد فرض أنه لا دليل له يعرفه، ولا معنى للمحال إلا ما لا يمكن تعلق قدرة العبد به عادة، ولو كان له دليل إما النص، أو الإجماع، أو القياس، وقد سبرنا، فلم نجد من ذلك شيئًا. أو لا نتعرض للسبر، بل نقول: شيء من النص، والإجماع، والقياس غير موجود، إذ الأصل العدم، والأصل بقاء ما كان على ما كان، وهذا النفى حكم شرعي، لأنه مستفاد من دليل شرعي هو انتفاء مثبت الحكم الذي علم من الدين ضرورة حيث لا دليل، لا حكم لما قدمناه من لزوم المحال.

والاعتراض بأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود ليس بشيء، لأن كلامنا في أنه لا حكم أصلًا للَّه وراء الأحكام الخمسة، فإنا قاطعون بأن لا حكم سواها.

وكذا قولهم: وجد المقتضي، أي: السبب، فيوجد المسبب، ووجد المانع، فينتفي الحكم، أو فقد الشرط، فلا يوجد الحكم، فإنهم كثيرًا ما يقولون مثله.

قيل: ليس بدليل، بل دعوى دليل؛ لأنه بمثابة قوله وجد الدليل، فيوجد الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>