للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وميل إمام الحرمين إلى اعتبار الصفات، ولذلك قال: "لو روى جمع حديثًا، وروى الصديق ما يعارضه كانت الصحابة لا تؤثر على رواية الصديق شيئًا" (١).

قوله: "وأن العمل بالمتعارضين".

أقول: يريد أن المصير إلى الترجيح إنما يكون إذا لم يمكن الجمع ولو بوجه (٢).

ولو قدم هذا البحث على المسألة السابقة كان أولى كما لا يخفي، لأن الترجيح بالأدلة وكثرة الرواة إنما يكون إذا تعذر الجمع. مثال ما أمكن الجمع فيه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيُّما إهاب دبغ فقد طهر". مع قوله: "لا تنتفعوا بالميتة بإهاب ولا عصب" (٣). فيحمل هذا على قبل الدباغ جمعًا بين الدليلين لأنه أولى من إهمال أحدهما.


(١) راجع: البرهان: ٢/ ١١٦٨.
(٢) اختلف علماء الفقه، والأصول في حكم التعارض إذا تعادلت النصوص فذهب الجمهور إلى الجمع بينهما أولًا، فإن لم يمكن، فالترجيح لأحدهما وإلا سقط الدليلان، وبحث العالم عن دليل آخر.
وذهب الحنفية إلى البدء بالترجيح أولًا بأحد طرق الترجيح فإن لم يمكن، فالجمع بينهما، وإلا تساقط الدليلان المتعارضان.
راجع: المستصفى: ٢/ ٣٩٥، والمحصول: ٢/ ق/ ٢/ ٥٠٦، ٥٤٢، وشرح تنقيح الفصول: ص/ ٤٢١، وكشف الأسرار: ٤/ ٧٦، وفواتح الرحموت: ٢/ ١٨٩، وتيسير التحرير: ٣/ ١٣٦، ومناهج العقول: ٣/ ١٩٠، والمدخل إلى مذهب أحمد: ص/ ١٦٧، وإرشاد الفحول: ص/ ٢٧٣.
(٣) رواه أبو داود، وابن ماجه عن عبد اللَّه بن عكيم قال: أتانا كتاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" واللفظ لابن ماجه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>