للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف: والتحقيق أن التقليد إن كان أخذ القول من الغير بغير حجة، مع احتمال شك، أو وهم، فلا يكفي في الإيمان، وإن كان جزمًا خاليًا عنهما، فيصح، وبه يجمع بين قول الأشعري وغيره.

وإن شئت تحقيق المسألة بما لا مزيد عليه، فاسمع لمقالتنا، اعلم أن أهل السنة كلهم من قال بإيمان المقلد، ومن لم يقل به متفقون على أن مقابل التقليد هنا هو الاستدلال بالأثر على المؤثر، وبالمصنوع على الصانع، ولا يلزم في هذا الاستدلال الاقتدار على إيراد الحجج، ودفع الشبه لو اعترض عليه مبتدع، بل ذلك من فروض الكفاية التي يقوم بها في كل ناحية عالم متبحر.

إنما المراد بالاستدلال مجرد الانتقال من الأثر إلى المؤثر على ما نقل عن الأعرابي (١).


(١) هو قس بن ساعدة بن عمرو بن عدي بن مالك من بني إياد، أحد حكماء العرب، ومن كبار خطبائهم في الجاهلية، كان أسقف نجران، متحنفًا، موحدًا للَّه تعالى في الجاهلية، ويقال: إنه أول عربي خطب متوكئًا على سيف، أو عصًا، وأول من قال في كلامه: "أما بعد" وكان يفد على قيصر زائرًا، فيكرمه ويعظمه، وهو معدود في المعمرين طالت حياته حتى أدركه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل النبوة، ورآه في عكاظ يخطب في الناس، ثم سئل -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه بعد ذلك فقال: "يحشر أمة وحده" وتوفي حوالي (٢٣ قبل الهجرة).
راجع: خزانة الأدب: ١/ ٢٦٧، والبيان والتبيين: ١/ ٢٠٧، وعيون الأثر: ١/ ٦٨، والأغاني: ١٥/ ٢٤٦، والأعلام للزركلي: ٦/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>