للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"البعرة تدل على البعير، وآثار الأقدام على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، فكيف لا يدلان على الصانع الخبير؟ " (١) فإذا كان معنى الاستدلال ما ذكرنا، ولا يحتاج فيه إلى تحرير الأدلة، ودفع الشبه، لم يوجد بين المسلمين مقلد قط. إذ أجهل من يتصور فيهم كالرعاة، وسكان البوادي إذا رأى شيئًا عجيبًا موثقًا يقول: سبحان من خلقه، وهذا استدلال منه على موجد العالم، وإذا كان هذا حال أجهلهم، فكيف بمن نشأ بين العلماء، والوعاظ، ولازم الجماعة والجمعة؟

قال المولى المعظم التفتازاني -في شرح المقاصد-: "ليس الخلاف في هؤلاء الذين نشؤوا في ديار الإسلام من الأمصار، والقرى، والصحارى، ولا الذين يتفكرون في خلق السموات، والأرض (٢)، واختلاف الليل، والنهار (٣)، فإن هؤلاء كلهم أهل النظر، والاستدلال، بل في من نشأ على شاهق جبل، ولم يتفكر في ملكوت السموات، والأرض، وأخذه إنسان، وأخبره بما يجب عليه اعتقاده وصدقه بمجرد إخباره من غير


(١) راجع: البداية والنهاية لابن كثير: ٢/ ٢٣٠ - ٢٣٧.
(٢) قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: ١٩٠ - ١٩١].
(٣) آخر الورقة (١٣٦/ ب من أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>