المشروع المأمور، فهو أول منازل السائرين إلى اللَّه تعالى، ومقابله الفساد الذي هو سلوك طريق الغواية، فإذا لم يكن السائر السالك على الجادة القويمة ماذا ينفعه سرى الليالي، وظمأ الهواجر في الفيافي. ثم يترتب على الصلاح الفوز بالرضا، وعلى الفساد خسارة الصفقة وخيبة الرجاء.
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تمشي على اليبس (١)
وإذا فاز بالرضا قرب من مهمة البعد، إلى ساحة الحضور.
وإن مسه نار السخط، فصار في سلك المطرودين عن باب الرحمة الواسعة، وهلك في مفازة الوحشة، والأقطار الشاسعة.
ثم يدخل ذلك في ديوان السعادة، ويتمتع بالنعيم، ويسقط هذا في الدرك الأسفل، ويتجرع الحميم في الجحيم، فتنبه أيها النائم عن سنة الغفلة، والغرور، لعلك تحظى بجوار اللَّه في دار السرور، وتنجو من لهب البعاد، ونار الثبور.
قوله:"وإذا خطر لك أمر".
أقول: سالك طريق الآخرة كالتجار المسافرين لنيل الربح، والنجاة من الفقر، وكما أن تاجر الدنيا لا بد له من طريق آمن ليسلم رأس ماله، ويفوز بما يرجوه من أنواع الربح، وإلا يذهب رأس ماله على يد قطاع الطريق، ويهلك هو إما بسبب الحرامي، أو بنار الحسرات على فوت رأس ماله، وسوء حاله.