للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: قد اختلف في أن التوكل (١)، والتفويض أفضل، أم مباشرة أسباب الرزق بالتجارة، وسائر الصنائع؟

فذهب إلى كل مذهب منها ذاهبون، وفصل آخرون بأن هذا مختلف باختلاف الناس (٢).


(١) التوكل -لغة-: إظهار العجز، والاعتماد على الغير، والاسم منه التكلان.
واصطلاحًا: الاعتماد على اللَّه تعالى وقطع النظر عن الأسباب، مع التمكن منها أو هو الثقة بما عند اللَّه، واليأس عما في أيدى الناس.
راجع: مختار الصحاح: ص/ ٧٣٤، والمصباح المنير: ٢/ ٦٧٠، والتعريفات: ص/ ٧٠، وشرح الجوهرة: ص/ ١٩٢.
(٢) اختلف العلماء في التوكل، والاكتساب أيهما أفضل؟ فرجح قوم الاكتساب: وهو مباشرة الأسباب بالاختيار كالبيع، والشراء لأجل الربح، وتعاطى الدواء من أجل الصحة، ونحو ذلك لما سيأتي من الأدلة التي ذكرها الشارح، ولما فيه من كف النفس عن التطلع لما في أيدي الناس، ومنعها من الخضوع لهم، والتذلل بين أيديهم، مع حيازة منصب التوسعة على عباد اللَّه، ومواساة المحتاجين، وصلة الأرحام ورجح آخرون التوكل للنصوص الواردة في ذلك كقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣] وغيرها من الآيات الكثيرة، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "لو أنكم توكلون على اللَّه حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا، وتروح بطانًا" رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، وغيرهم.
راجع: المسند: ١/ ٣٠، ٥٢، وتحفة الأحوذي: ٨/ ٧، وسنن ابن ماجه: ٢/ ٥٤٠ - ٥٤١، والمستدرك: ٤/ ٣١٨. ولأنه حاله عليه الصلاة والسلام، وحال أهل الصفة، وفي الحديث الثابت في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: ٢] وهو من رواية أبي هريرة، وعمران بن حصين، وسهل بن سعد =

<<  <  ج: ص:  >  >>