للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن الأدلة -من الطرفين- لا تفيد القطع، بل كلها ظواهر إذ لهم أن يقولوا: فائدة إنزال المتشابه كبح عنان الراسخ في العلم عن الخوض فيه ومنعه منه، وهذا عنده أشد تعبًا من بذل المجهود في استعلام الحكم من المحكم؛ لأن النفوس مجبولة على الحرص والشغف بما منعت منه، والله أعلم بحقيقة الحال.

ولا يراد من اللفظ غير ظاهره إلا بدليل يدل على ذلك (١) خلافًا للمرجئة (٢)، وهم طائفة يقولون: إن المعاصى لا تضر مع الإيمان، كما أن الطاعات لا تنفع بدونه، وبنوا على هذا الأصل الفاسد أن الآيات والأحاديث الواردة في وعيد الفساق والعصاة يراد بها خلاف الظاهر، وهو التنفير والترهيب، وبطلان هذا لا يحتاج إلى دليل.


(١) كما في العام المخصوص بمتأخر، وسيأتي الكلام عليه في بابه إن شاء الله تعالى.
(٢) الإرجاء -لغة-: التأخير، سموا بذلك لتأخيرهم العمل عن الإيمان وقولهم بالإرجاء خلاف قول المسلمين، وهم فرق متعددة: ففرقة منهم وافقت القدرية في القول بالقدر مثل غيلان الدمشقي، وأبي شمر المرجئ، ومحمد بن شبيب البصري، فجمعوا بين الجبر والقول بالقدر.
وفرقة أخرى وافقت الجهمية في القول بالجبر، فجمعوا بين دعوى الجبر والإرجاء.
وفرقة ثالثة منهم انفردت بالإرجاء المحض لا يقولون بالجبر ولا بالقدر.
راجع: مقالات الإسلاميين: ص / ١٣٢، والتبصير في الدين: ص / ٩٧، والفرق بين الفرق: ص/٢٠٢، والبدء والتاريخ: ٥/ ١٤٤، والملل والنحل: ١/ ١٣٩، ومنهاج السنة: ١/ ٦٣، والخطط: ٢/ ٣٤٩، وكشاف اصطلاحات الفنون: ٢/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>