للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشبهة الفريقين - في نفي المهلة، والترتيب -: أشياء [ما وَلَّت] (١) عند الجمهور نحو قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: ٦]، ولا شك: أن الجعل قبل خلق سائر المخلوقات، فلا ترتيب، وحيث لا ترتيب لا مهلة بالطريق الأولى.

الجواب: أن معنى الآية أنه تعالى خلقكم من نفس واحدة، وكأنه قيل: كيف كان بدأ الخلق؟ ، أجاب: بأنه خلقها، ثم جعل منها زوجها، ثم ذرأكم على التعاقب على ما تشاهدون الآن بينكم أمة بعد أمة، فلفظ "ثم" عاطفة، جعل على خلق المقدر صفة للنفس، فهي على الترتيب، والمهلة.


= راجع: طبقات السبكي: ٤/ ١٠٤، ووفيات الأعيان: ٣/ ٣٥١، وتهذيب الأسماء واللغات: ٢/ ٢٤٩، وطبقات ابن هداية الله: ص / ١٦١، وشذرات الذهب: ٣/ ٣٠٦.
أما مخالفة العبادي التي نقلها المصنف تبعًا لأبيه، فيرى الزركشي أن هذا النقل عن العبادي غلط، وإنما قاله العبادي في بعض التراكيب الخاصة كقول القائل: "وقفتُ هذه الضيعة على أولادي، ثم على أولاد أولادي بطنًا بعد بطن". لا مطلقًا كما لو قال: وقفت على أولادي، ثم على أولاد أولادي. واقتصر عليه فهو في هذا مع الجمهور، وإنما خالفهم فيما أضيف إلى عبارة: بطن بعد بطن. المقتضي للجمع عنده. قلت: غير أني وجدت المصنف في "الطبقات" ذكر أن والده رجع وتوقف في ثبوت مخالفة العبادي للجمهور في إفادتها الترتيب، وأنه لم يجده في كلام العبادي وإن صح عنه ذلك في المثال المذكور سابقًا يقتصر عليها فقط، وهو معنى ما قاله الزركشي سابقًا، ثم قال المصنف: "وأما إنكار أن ثم للترتيب مطلقًا فيجل أبو عاصم عنه، فإن ذلك مما لا خلاف فيه بين النحاة، والأدباء، والأصوليين، والفقهاء، بل هو من المعلوم باللغة بالضرورة" والطبقات الكبرى: ٤/ ١١٠.
(١) في (أ، ب): "ما ولة".

<<  <  ج: ص:  >  >>