للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم للمصنف كلام عجيب - في شرحه للمختصر - وهو أنه قال: "لقائل أن يقول: قد وجدنا أوامر مستعملة في غير الوجوب، فلو اقتضى مجرد الأمر الإيجاب لزم، إما التعارض بين الموجب والمانع. وإما ترك الوجوب، مع الموجب السالم عن المعارض. وإما ثبوت الوجوب في صور عدم الوجوب.

بيان الملازمة: أن اقتضاء الإيجاب، إما أن يترتب في تلك الصور التي قيل فيها بعدم الوجوب، فيثبت الوجوب، في صور عدم الوجوب، أو لا يترتب، فإن لم يكن المانع لزم ترك الموجب السالم عن المانع، وإن كان لمانع لزم التعارض بين الموجب والمانع، واللوازم كلها منتفية، الأول بالإجماع، والثاني والثالث: لأن الأصل عدم كل واحد منهما.

ولا جواب لهذا الاعتراض إلا ببيان: أن التعارض بين المقتضي، والمانع، فيحتاج المستدل إلى دليل آخر" (١). هذا كلامه.

وإنما قلنا: إنه كلام عجيب: لأن الدعوى أن الأمر المجرد عن جميع القرائن مفيد للوجوب ظاهرًا، فحيث تجرد عن جميع القرائن يحمل على الوجوب للدلائل المذكورة، وحيث وجدت قرينة صارفة عن الوجوب كالإجماع الدال على عدم وجوب الأكل من الطيبات، والتخيير المنافي للوجوب في قوله: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا} [الطور: ١٦] يحمل على ما دل عليه القرينة، كما هو شأن سائر الحقائق مع المجازات: لأن دلالة الألفاظ وضعية يجوز تخلف مدلولاتها عنها.


(١) رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب: ١/ ق/ ٢٠٢/ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>