= صلى الله عليه وسلم، وإنما قالوا ذلك لأنه وقع في بعض طرق حديث أبي هريرة:"فليغسله ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا" وقد بينَّا قبل ذلك أن سنده ضعيفٌ جدًّا لتفرُّد عبد الوهاب بن الضحاك به عن إسماعيل بن عيَّاش.
وكذلك حديث عطاء عن أبي هريرة موقوفًا في الغسل ثلاث مرَّاتٍ، تكلَّم فيه الحفاظ على نحو ما ذكرتُه قبلُ.
ثُمَّ إن العدد لا يحتمل التأويل، فكما أنه لا يعقل إذا سمعنا قول الله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}(٢٤/ ٢) أن نقول: المقصود ليس المائة، بل ما تبلغ به العقوبة، فيجلد ثمانين أو دونها، أو مائة وعشرين مثلًا.
أمّا عدم اشتراط التراب في الغسل فهو رأيٌ في مقابلة النص، وهو فاسد الاعتبار، وقد استدل العلماء برواية:"أولاهن بالتراب" على اشتراط الترتيب في نجاسة الكلب، وهو قول الشافعي وأحمدَ وإسحق وأبي عبيد، وأبي ثور، والطبرى، وأكثر الظاهرية، وذهب أبو حنيفة ومالك والأوزاعىّ إلى أنه لا يجب الترتيب، وإنما الواجب الماء فقط، واحتج بعضهم في أنه لا يجب التتريب في الغسل من ولوغ الكلب أنَّ مالكًا لم يذكره في روايته لهذا الحديث، وهذا جوابٌ ضعيفٌ متهافتٌ لأنّ ذكر التراب حفظه محمَّد ابن سيرين وأبو رافع عن أبي هريرة، ومن حفظ حجةٌ على من لم يحفظ.
وقد قال ابن حزمٍ في "المحلى"(١/ ١١١):
"ولا يجزيء بدل التراب غيرهُ، لأنَّه تعدٍ لحدِّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" اهـ.
وقال ابنُ دقيق العيد في "شرح العمدة"(١/ ١٦١ - ١٦٢): =