= "وقوله: "بالتراب" يقتضى تعيينه، وفي مذهب الشافعيّ قولٌ، أو وجهٌ، أنَّ الصابون والأشنان والغسلة الثامنة تقوم مقام التراب بناءً على أن المقصود بالتراب زيادة التنظيف، وأن الصابون والأشنان يقومان مقامه في ذلك. وهذا عندنا ضعيفٌ؛ لأنَّ النصَّ إذا ورد بشيءٍ مُعيَّن، واحتمل معنىً يختصُّ بذلك الشىء لم يجُزْ إلغاء النصِّ، وإطراح خصوص المعين فيه، والأمر بالتراب وإنْ كان محتملًا لما ذكروه وهو زيادةُ التنظيف، فلا نجزم بتعيين ذلك المعنى فإنه يزاحمهُ معنى آخر، وهو الجمع بين مطهرين أعنى الماء والتراب، وهذا المعنى مفقودٌ في التراب والأشنان. وأيضًا فإن هذه المعاني المستنبط إذا لم يكن فيها سوى مجرد المناسبة، فليست بذلك الأمر القويّ، فإذا وقعت فيها الاحتمالات، فالصواب اتباعُ النصِّ. وأيضًا فإنَّ المعنى المستنبط إذا عاد على النصِّ بإبطالٍ أو تخصيصٍ، فمردودٌ عند جميع الأصوليين" اهـ.
وقال النووي في "شرح مسلم"(٣/ ١٨٥):
"ولا يقوم الأشنان والصابون مقام التراب على الأصحِّ" اهـ.
وقال المرداوي في "الإنصاف"(١/ ٣١٠):
"الصحيحُ من المذهب -يعني الحنبلي- اشتراطُ التراب" اهـ.
فقد يكون عذرُ مالك أنه كان يعتقد طهارة الكلب، فكان يرى أن الغسل مندوبٌ فقط وأن السبع أمرٌ تعبديٌّ، فلم يشترط التتريب ولا إيجاب الغسلات السبع. والله أعلمُ.