لا في اللفظ ولا في التقدير، ولهذا خطئ من يعد هذا مع المبتدآت المحذوفة الأخبار، لأن المبتدأ المحذوف الخبر لو قدرت له خبرا لم يلزم من تقديره ذكر ما لا فائدة فيه، وهذا بخلاف ذلك.
ولما كان الوصف المذكور منزلا منزلة الفعل لم يجز تصغيره، ولا وصفه، ولا تعريفه، ولا تثنيته، ولا جمعه، لأن ذلك كله من خصائص الأسماء المحضة.
ومن قال من العرب: يفعلان الزيدان، ويفعلون الزيدون، قال هنا: أفاعلان الزيدان؟ وأفاعلون الزيدون؟ وكان الوصف مبتدأ، وما بعده فاعل سادٌّ مسد الخبر. وإلى نحو هذه الإشارة أشرت بقولي:"إلا على لغة يتعاقبون فيكم ملائكة" وقد أشرت إلى هذه اللغة في باب الإعراب، وسيأتي ذكرها مستوفى في باب الفاعل إن شاء الله تعالى.
وأشرت بقولي:"ولا يجرى ذلك المجرى باستحسان" إلى أن الوصف المشار إليه لا يحسن عند سيبويه الابتداء به على الوجه الذي تقرر إلا بعد استفهام أو نفي، وإن فُعِل به ذلك دون استفهام أو نفي قبح عنده دون منع. هذا مفهوم كلامه في باب الابتداء، ولا معارض له في غيره. ومن زعم أن سيبويه لم يجز جعله مبتدأ إذا لم يل استفهاما أو نفيا فقد قوّله ما لم يقل.
وأما أبو الحسن الأخفش فيرى ذلك حسنا، ويدل على صحة استعماله قول الشاعر:
خَبيرٌ بنو لِهْبٍ فلاتك مُلْغيا ... مقالةَ لِهْبِيٍّ إذا الطيرُ مَرَّتِ
ومنه قول الشاعر:
فخيرٌ نحن عند الناس مِنكم ... إذا الدّاعي المُثَوِّبُ قال: يا لا