فخيرٌ مبتدأ، ونحن فاعل، ولا يكون "خير" خبرا مقدما، ونحن مبتدأ، لأنه يلزم في ذلك الفصل بمبتدأ بين أفعل التفضيل ومِنْ، وهما كمضاف ومضاف إليه، فلا يقع بينهما مبتدأ، كما لا يقع بين مضاف ومضاف إليه، وإذا جعل "نحن" مرتفعا بخير على الفاعلية لم يلزم ذلك، لأن فاعل الشيء كجزء منه.
والكوفيون كالأخفش في عدم اشتراط الاستفهام والنفي في الابتداء بالوصف المذكور، إلا أنهم يجعلونه مرفوعا بما بعد وما بعد مرفوعا به، على قاعدتهم، ويوافقونه في التزام إفراده وتجرده من ضمير، ويجيزون أيضا إجراءه مجرى اسم جامد فيطابق ما بعده، ويجيزون أيضا جعله نَعت منوي مطابق للآخر في إفراده وتثنيته وجمعه، ولا بد حينئذ من كون النعت مطابقا، ويسمونه خلفا.
ولم أخص من الاستفهام همزة ولا غيرها، ليعلم أن أدوات الاستفهام كلها مستوية في تصحيح الابتداء بالوصف المذكور على الوجه المذكور، فكما يقال: أقائم الزيدان؟ يقال: هل مُعْتَقٌ العبدان؟ وما صانعٌ العُمَرَان؟ ومن خاطبٌ البكران؟ ومتى ذاهب العمران؟ وأين جالس صاحبانا؟ وكيف مصبح ابناك؛ وكم ماكث صديقاك؟ وأيان قادم رفيقاك؟
وكما أطلقت الاستفهام أطلقت النفي، ليتناول كل ناف يصلح لمباشرة الأسماء، وذلك: ما، ولا، وإنْ، وليس، إلا أن ليس يرتفع الوصف بعدها على أنه اسمها، ويرتفع به ما يليه فيسد مسد خبرها، كما سد مسد خبر المبتدأ. وكذلك الحكم بعد "ما" إن جُعِلتْ حجازية، ولم ينتقض النفي. فإن جعلت تميمية، أو انتقض النفي، فالوصف بعدها مبتدأ، والمرفوع به ساد مسد خبر المبتدأ. مثال ذلك بعد ليس: ليس قائم الزيدان، وليس منطلق إلا العمران. ومثال ذلك بعد "ما": ما ذاهب عبداك، وما مقيم إلا أخواك.