أمّا النهارُ ففي قَيْد وسِلْسِلة ... والليلُ في جوف مَنْحُوتٍ من السّاج
ومن هذا القبيل قولهم: شِعرٌ شاعر، ومَوتٌ مائت.
ص: ولا يتحمل غير المشتق ضميرا ما لم يؤول بمشتق، خلافا للكسائي، ويتحمله المشتق خبرا أو نعتا أو حالا ما لم يرفع ظاهرا، لفظا أو محلا، ويستكنّ الضمير إن جرى متحملُه على صاحب معناه، وإلا برز، وقد يستكن إن أمن اللبْس وفاقا للكوفيين.
ش: مثال الخبر الذي لا يتحمل ضميرا لكونه غير مشتق ولا مؤول بمشتق قولك مشيرا إلى الأسد المعروف: هذا أسد، فأسد لا ضمير فيه لأنه خال من معنى الفعل. فلو وقع موقع المشتق لجرى مجراه في تحمل الضمير، كقولك مشيرا إلى رجل شجاع: هذا أسد، ففي أسد حينئذ ضمير مرفوع به لأنه مؤول بما فيه من معنى الفعل، فلو أسند إلى ظاهر لرفعه كقولك: رأيت رجلا أسدا أبوه، ومنه قول الشاعر:
وليلٍ يقول الناسُ من ظُلُماته ... سواءٌ صحيحاتُ العُيُونِ وعُورها
كأنّ لنا منه بيوتا حصينة ... مُسُوحا أعاليها وساجا كُسُورها
فرفع الأعالي والكسور بمسوح وساج، لإقامتها مقام سود، وإذا جاز ارتفاع الظاهر بالجامد لتأوله بمشتق، كان ارتفاع المضمر به أولى، لأنه قد يرفع المضمر ما لا يرفع الظاهر، كأفعل التفضيل في أكثر الكلام. وإذا رفع الجامد القائم مقام مشتق ضميرا أو ظاهرا، جاز أن ينصب بعد ذلك تمييزا وحالا، كقول الشاعر:
تُخَبِّرنا بأنك أحْوَذِيٌّ ... وأنت البَلْسَكاءُ بنا لُصوقا