للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ثبت به شبه الحرف، لأن الذي فعل بهما من كسر الفاء وسكون العين مطرد في كل فعل على فَعِل ثانيه حرف حلق، وفعلية ما روعي أصله، وسلك به سبيل مطردة في الأفعال أقوى من فعلية ما لم يعامل بهذه المعاملة.

وأما تفضيل ليس على نعم وبئس بإعمالها في الظاهر والمضمر، والمعرفة والنكرة، فشيء ثبت على خلاف الأصل، لأن شبهها في اللفظ والمعنى بالحرف أقوى من شبهها بالفعل، فأن يسلك بها سبيل الأشبه بها أولى، ولكن لو فعل بها ذلك لم يبق ما يدل على فعليتها، فرفعت الضمائر المتصلة لذلك، وإذا كان هذا التفضيل محوجا إلى اعتذار، فلا يجعل سببا لتفضيل آخر، فيستباح من أجله تقديم الخبر، لأن ذلك تكثير لمخالفة الأصل، ومُحْوج إلى اعتذار ثان. ومع هذا فقد شاركتها نعم وبئس في رفع الضمير مستترا وبارزا، قال الكسائي: روي عن بعض العرب: الزيدان نِعْما رجلين، الزيدون نِعْموا رجالا. وقال الأخفش: ناس من العرب يرفعون النكرة بنعم مفردة ومضافة.

وأما فعل التعجب فهو ? وإن لزم طريقة واحدة ? راجح على ليس من أربعة أوجه: أحدها: تمكنه في الفعلية لفظا ومعنى، لأنه على وزن أفعلَ، وهمزته معدية كأكرم وغيره من الأفعال المعداة بالهمزة، وهو مع ذلك متضمن لحروف مصدر، ودال على معناه، وليس بخلاف ذلك.

الثاني: أن فعل التعجب تلزمه نون الوقاية مع ياء المتكلم، كما تلزم سائر الأفعال المتعدية، وليس بخلاف ذلك.

الثالث: أن لفعل التعجب صيغتين: إحداهما كصيغة الماضي، والأخرى كصيغة الأمر، وذلك ضرب من التصرف. وليس بخلاف ذلك.

الرابع: أن فعل التعجب يعمل في الظرف والحال والتمييز بخلاف ليس، فإنها لا تعمل إلا في جزأي إسناد.

وأما عسى فشاركت ليس في إعمالها في الأسماء كلها، مظهراتها ومضمراتها، ومعارفها ونكراتها، وتفوقها بأشياء منها:

إن فعليتها مجمع عليها، وفعلية ليس مختلف فيها.

الثاني: أن ليس من الأفعال المعتلة العين، وعسى من الأفعال المعتلة اللام، وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>